للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَمْثِلَةُ هَذَا تَظْهَرُ فِي مَحَلِّ النَّظَرِ بِمَا يَسْتَشْعِرُهُ الْمُسْتَدِلُّ، وَيُحْتَمَلُ مِنْ شَاهِدِ الْحَالِ.

قَوْلُهُ: «وَطَرِيقُ صِيَانَةِ التَّقْسِيمِ: أَنْ يَقُولَ الْمُعْتَرِضُ لِلْمُسْتَدِلِّ: إِنْ عَنَيْتَ بِمَا ذَكَرْتَ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُسَلَّمٌ، وَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ، وَإِنْ عَنَيْتَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مُمْتَنِعٌ مَمْنُوعٌ» .

أَيْ أَنَّ التَّقْسِيمَ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ يَعْرِضُ لَهُ الْفَسَادُ، لِجَوَازِ فَوَاتِ بَعْضِ الْأَقْسَامِ، فَيَبْطُلُ، فَالطَّرِيقُ إِلَى صِيَانَتِهِ وَحِفْظِهِ عَنْ ذَلِكَ، أَنْ يَجْعَلَ الْمُعْتَرِضُ تَقْسِيمَهُ دَائِرًا بَيْنَ قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَعُمُّ مَا سِوَى الْقِسْمِ الْآخَرِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَقْسَامِ، فَيَقُولُ: إِنْ أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ كَذَا، فَهُوَ مُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَدْتَ غَيْرَهُ، فَمَمْنُوعٌ، لِأَنَّ لَفْظَ: غَيْرُهُ، يَتَنَاوَلُ مَا عَدَا الْقِسْمَ الْمُصَرَّحَ بِهِ.

مِثَالُهُ: أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْعَدَدُ إِمَّا مُسَاوٍ أَوْ غَيْرُ مُسَاوٍ فَيَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمُسَاوِي وَالْأَقَلَّ وَالْأَكْثَرَ، فَتَنْحَصِرُ الْأَقْسَامُ، وَيَقُولُ: مَا تَعْنِي بِقَوْلِكَ: مَأْمُورٌ بِهِ، أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ غَيْرُهُ؟ ، وَصِحَّةُ صَلَاةِ الصَّبِيِّ فَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ؟ وَتُرِيدُ بِالْعَقْلِ: التَّجْرِبَةَ، أَوْ غَيْرَهَا؟ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُسَلَّمٌ» ، أَيْ: إِنْ أَرَدْتَ كَذَا، فَمُحْتَمَلٌ تَنْزِيلُ لَفْظِكَ عَلَيْهِ، وَمُسَلَّمٌ صَلَاحِيَتُهُ لِلْعِلِّيَّةِ، «وَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ» ، أَيْ: أَنَا أُطَالِبُكَ بِالدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِهِ عِلَّةً، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ صَلَاحِيَتِهِ لِلْعِلِّيَّةِ كَوْنُهُ عِلَّةً، وَإِنْ أَرَدْتَ غَيْرَ ذَلِكَ، «فَهُوَ مُمْتَنِعٌ مَمْنُوعٌ» ، أَيْ: يَمْتَنِعُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ لَفْظِكَ عَلَيْهِ، وَمَمْنُوعٌ صَلَاحِيَتُهُ لِلْعِلِّيَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>