. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُسْتَدِلِّ، لَزِمَهُ الْجَوَابُ وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ، كَمَا سَبَقَتْ أَمْثِلَتُهُ، لِاخْتِصَاصِ النَّقْضِ بِمَذْهَبِهِ، فَبِدُونِ الْجَوَابِ عَنْهُ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ، كَمَا إِذَا قَالَ الْحَنَفِيُّ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ: إِنَّهُ قَتْلُ عَمْدٍ عُدْوَانٌ، فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ، قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ، فَيَقُولُ الْحَنْبَلِيُّ: هَذَا يَنْتَقِضُ عَلَى أَصْلِكَ بِمَا إِذَا قَتَلَهُ بِالْمُثَقَّلِ، فَإِنَّ الْأَوْصَافَ مَوْجُودَةٌ، وَالْقِصَاصُ مُنْتَفٍ عِنْدَكَ، فَلَهُ أَنْ يَعْتَذِرَ عَنْهُ بِأَدْنَى عُذْرٍ يَلِيقُ بِمَذْهَبِهِ، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَأْخَذِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ ذَلِكَ قَتْلًا، وَلَيْسَ عَمْدًا، أَوْ مَا شَاءَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ كَانَ النَّقْضُ مُتَوَجِّهًا مِنَ الْمُعْتَرِضِ إِلَى أَصْلِ نَفْسِهِ، لَمْ يَقْدَحْ فِي عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْعُذْرُ عَنْهُ، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا قَالَ الْحَنْبَلِيُّ: لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ كَافِرٌ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ قِيَاسًا عَلَى الْحَرْبِيِّ، فَقَالَ الْحَنَفِيُّ: هَذَا الْوَصْفُ لَا يَطَّرِدُ عَلَى أَصْلِي، إِذْ هُوَ بَاطِلٌ بِالْمُعَاهَدِ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ، وَيُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ عِنْدِي. وَكَذَا لَوْ قَالَ حَنْبَلِيٌّ: يُقْطَعُ النَّبَّاشُ، لِأَنَّهُ سَارِقٌ، فَقَالَ الْحَنَفِيُّ: هَذَا بَاطِلٌ عَلَى أَصْلِي بِسَارِقِ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ، فَإِنَّهُ سَارِقٌ، وَلَا يَجِبُ قَطْعُهُ عِنْدِي، وَإِذَا كَانَ وَصْفُكَ أَيُّهَا الْمُسْتَدِلُّ غَيْرَ مُطَّرِدٍ عِنْدِي، فَكَيْفَ يَلْزَمُنِي؟ فَهَذَا لَا يُسْمَعُ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ - وَهُوَ الْوَصْفُ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ، وَهُوَ الْكُفْرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، وَالسَّرِقَةُ فِي مَسْأَلَةِ النَّبَّاشِ - حُجَّةٌ عَلَى الْمُعْتَرِضِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ، كَمَا أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ لِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يَقُولَ: الْعِلَّةُ فِي قَطْعِ السَّارِقِ عِنْدِي كَوْنُهُ سَارِقًا، فَأَنَا أَقُولُ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ: صُورَةِ النِّزَاعِ، وَهُوَ قَطْعُ النَّبَّاشِ، وَصُورَةِ النَّقْضِ، وَهُوَ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ، فَالْوَصْفُ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute