. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِالضَّابِطِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا، وَلَا مَعْنًى لِإِبْطَالِ مَا لَمْ يُعَلَّلْ بِهِ. قَالَ: فَيَحْتَاجُ الْمُعْتَرِضُ إِلَى بَيَانِ اسْتِوَاءِ الْحِكْمَةِ فِي الْقِيَاسِ. وَصُورَةُ النَّقْضِ كَاسْتِوَاءِ الْجِنَايَةِ الْحَاصِلَةِ بِالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ، وَالْجِنَايَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَطْعِ، وَكَذَلِكَ اسْتِوَاءُ مَشَقَّةِ الْمُسَافِرِ، وَمَشَقَّةِ الْمُكَارِي، وَالْفَيِّجِ وَالْمَرِيضِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْمَشَقَّةِ وَالْجِنَايَةُ فِي نَفْسِهَا.
وَتَلْخِيصُ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ صِحَّةَ سُؤَالِ الْكَسْرِ، لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ الْمُعَلَّلُ بِهَا مَوْجُودَةً بِكَمَالِهَا فِي صُورَةِ الْكَسْرِ، وَلَا أُسَلِّمُ ذَلِكَ، لِأَنَّ طَرِيقَ مَعْرِفَتِهِ وُجُودُ الْمَظِنَّةِ، وَلَمْ تُوجَدْ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ سُؤَالَ الْكَسْرِ لَازِمٌ مُفْسِدٌ لِلْعِلَّةِ، احْتِجَاجًا مِنْهُمْ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ إِنَّمَا هُوَ الْحِكْمَةُ دُونَ ضَابِطِهَا، فَإِذَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهَا، ظَهَرَ إِلْغَاءُ مَا ثَبَتَ لِأَجْلِهِ الْحُكْمُ، فَبَطَلَتْ كَضَابِطِ الْحُكْمِ إِذَا بَطَلَ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْحِكَمِ الْحِكْمَةُ الْمُطْلَقَةُ أَوِ الْمُنْضَبِطَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِضَابِطِهَا، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ، لَكِنْ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ انْضِبَاطَ الْحِكْمَةِ بِنَفْسِهَا مُتَعَذِّرٌ، فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى ضَبْطِهَا بِضَابِطِهَا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّلَامَةِ وَالنَّقْضِ ذَلِكَ الضَّابِطَ الَّذِي تَحَقَّقَ بِهِ اعْتِبَارُ الْحِكْمَةِ.
قُلْتُ: قَدْ سَبَقَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ دُونَ الضَّابِطِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute