. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّهَادَةِ» .
هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ، فَالْمُبْتَدَأُ قَوْلُهُ: «خِلَافُ» ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ: «وَفِي انْدِفَاعِ النَّقْضِ» ، إِلَى آخِرِهِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ كَقَوْلِهِمْ: فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَفِي الدَّارِ رَجُلٌ، وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ.
وَمَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ؛ أَنَّ الْمُعَلِّلَ إِذَا احْتَرَزَ عَنِ النَّقْضِ بِذِكْرِ وَصْفٍ فِي الْعِلَّةِ غَيْرِ مُؤَثِّرٍ فِي الْحُكْمِ وُجُودًا وَعَدَمًا، بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِهِ، وَلَا يُعْدَمُ بِعَدَمِهِ، فَهَلْ يَنْدَفِعُ النَّقْضُ عَنْ عِلَّتِهِ بِذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ.
وَمِثَالُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّ قَوْلَنَا: «الِاسْتِجْمَارُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْجَارِ» وَصْفٌ شَبَهِيٌّ صَحِيحٌ. وَقَوْلُهُمْ: «يَسْتَوِي فِيهِ الثَّيِّبُ وَالْأَبْكَارُ» ؛ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَلَا عَدَمِهِ، وَإِنَّمَا أُتِيَ بِهِ دَفْعًا لِنَقْضِ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ بِحَدِّ الرَّجْمِ، فَإِنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْجَارِ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ فِي الِاسْتِجْمَارِ، لَوَرَدَ عَلَيْهِ حَدُّ الرَّجْمِ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِالْأَحْجَارِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَدَدُ، فَلَمَّا قِيلَ: يَسْتَوِي فِيهِ الثَّيِّبُ وَالْأَبْكَارُ، خَرَجَ حَدُّ الرَّجْمِ، وَزَالَ النَّقْضُ بِهِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حُكْمًا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْجَارِ، لَكِنَّهُ فَارَقَ الِاسْتِجْمَارَ بِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِ الثَّيِّبُ وَالْأَبْكَارُ، فَالثَّيِّبُ إِذَا زَنَى يُرْجَمُ، وَالْبِكْرُ لَا يُرْجَمُ، بَلْ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ، بِخِلَافِ الِاسْتِجْمَارِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الثَّيِّبُ وَالْبِكْرُ، لِأَنَّهُ إِزَالَةُ نَجَاسَةٍ، وَهُمَا مُخَاطَبَانِ بِهَا.
فَمَنْ قَالَ: يَنْدَفِعُ النَّقْضُ عَنِ الْعِلَّةِ بِذَلِكَ، قَالَ: لِأَنَّ الْعِلَّةَ يُشْتَرَطُ اطِّرَادُهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَصْفُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ مُطَّرِدًا، ضَمَمْنَا إِلَيْهِ وَصْفًا غَيْرَ مُؤَثِّرٍ لِيَتَحَقَّقَ اطِّرَادُهَا، وَتَكُونُ فَائِدَةُ الْمُؤَثِّرِ الْعِلِّيَّةُ، وَفَائِدَةُ غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ دَفْعُ النَّقْضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute