للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثَبَتَتْ، فَتَقْيِيدُ الْحُكْمِ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ أَوْ وَصْفٍ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهَا، إِذْ لَوْ صَحَّتْ، لَمَا احْتَاجَ إِلَى الِاحْتِرَازِ بِتَقْيِيدِ الْحُكْمِ.

مِثَالُهُ هَهُنَا: أَنَّ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ مَحْقُونَا الدَّمِ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ حَتَّى فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ، لَكِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ، فَلَمَّا انْتَقَضَتِ الْعِلَّةُ بِذَلِكَ، كَانَ احْتِرَازُهُ فِي الْحُكْمِ بِذِكْرِ الْعَمْدِ لَاحِقًا لَهَا بَعْدَ فَسَادِهَا، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَصْحِيحِهَا، كَمَا إِذَا وَلَغَ كَلْبٌ فِي قُلَّتَيْ مَاءٍ إِلَّا رِطْلَيْنِ، ثُمَّ وُضِعَ فِيهِ رِطْلُ مَاءٍ لَمْ يَكُنْ مُؤَثِّرًا فِي زَوَالِ نَجَاسَتِهِ بِالْوُلُوغِ السَّابِقِ.

وَمَنْ زَعَمَ انْدِفَاعَ النَّقْضِ بِذَلِكَ قَالَ: الشَّرْطُ الَّذِي قُيِّدَ بِهِ الْحُكْمُ هُوَ «أَحَدُ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ حُكْمًا، وَإِنْ تَأَخَّرَ» فِي اللَّفْظِ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْمِثَالِ: حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ مَحْقُونَا الدَّمِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ عَمْدًا، فَجَرَى بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ كَالْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا كَانَ التَّقْدِيرُ فِي الْمَعْنَى هَذَا الْمِثَالَ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَقِّ الْأَصْلِ إِنَّمَا هِيَ بِالْأَحْكَامِ لَا بِالْأَلْفَاظِ. وَهَذَا أَصَحُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ.

وَقَدْ حَصَلَ الْجَوَابُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ الْخَصْمُ إِلَّا عَنْ مَسْأَلَةِ الْقُلَّتَيْنِ الَّتِي اسْتَشْهَدُوا بِهَا، فَالْجَوَابُ عَنْهَا بِالْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْمَاءَ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَ أَجْزَائِهِ الْمُنْفَصِلِ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ، فَإِذَا حَصَلَ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ مِنْهُ نَجَاسَةٌ، اسْتَقَرَّ لَهُ حُكْمُ التَّنْجِيسِ، فَلُحُوقُ تَكْمِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>