للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَقِفُ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ هَهُنَا، يَظُنُّ أَنَّهُ سَفْسَطَةٌ، وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ.

هَذَا تَقْرِيرُ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى، وَهِيَ قَوْلُنَا: «الْمُحَالُ مَا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ» بِقَوْلِنَا: «إِذِ اشْتِقَاقُ الْمُحَالِ مِنَ الْحُؤُولِ عَنْ جِهَةِ إِمْكَانِ الْوُجُودِ» .

«أَمَّا» تَقْرِيرُ «الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ» وَهِيَ قَوْلُنَا: وَهُوَ، أَيْ: عَدَمُ تَصَوُّرِ الْوُقُوعِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ «فَلِأَنَّ خِلَافَ مَعْلُومِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ، وَبِهِ احْتَجَّ آدَمُ عَلَى مُوسَى» - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا - فِيمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ، أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، أَغْوَيْتَ النَّاسَ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ ! فَقَالَ آدَمُ: وَأَنْتَ يَا مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى عَمَلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى أَخْرَجَاهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الرُّوَاةِ أَنَّ آدَمَ هَهُنَا مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ حَاجَّ وَمُوسَى مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَحْجُوجٌ، وَإِنَّمَا عَكَسَ ذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ تَصْحِيحًا لِمَذْهَبِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>