للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَالَ النِّيلِيُّ وَغَيْرُهُ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الْقَلْبِ وَهُوَ الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ دَلِيلَ الْمُسْتَدِلِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَا لَهُ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِرَاضَاتِ وَلَا يَتَّجِهُ فِي قَبُولِهِ خِلَافٌ. وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، كَمِثَالِ الِاعْتِكَافِ، وَمَسْحِ الرَّأْسِ، وَبَيْعِ الْغَائِبِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ: هَلْ هُوَ اعْتِرَاضٌ أَوْ مُعَارَضَةٌ؟ فَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِرَاضِ، لِأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى ضَعْفٍ فِي الْعِلَّةِ، حَيْثُ أَمْكَنَ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى نَقِيضِ الْحُكْمِ فَصَارَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ. وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ مُعَارَضَةٌ، لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ يُعَارِضُ دَلَالَةَ الْمُسْتَدِلِّ بِدَلَالَةٍ أُخْرَى. فَحَقِيقَةُ الْمُعَارَضَةِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّا.

وَذَكَرَ النِّيلِيُّ لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدَ، مِنْهَا: أَنَّهُ إِنْ قِيلَ: هُوَ مُعَارَضَةٌ، جَازَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ، فَلَا يَنْعَقِدُ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، كَالنِّكَاحِ، وَإِنْ قِيلَ: هُوَ اعْتِرَاضٌ؛ لَمْ يَجُزْ مِثْلُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.

قُلْتُ: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ وَالِاعْتِرَاضِ: أَنَّ الْمُعَارَضَةَ، كَدَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَا يَتَقَدَّرُ بِدَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ، بِخِلَافِ الِاعْتِرَاضِ، فَإِنَّهُ مَنْعٌ لِلدَّلِيلِ، فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، إِذْ يَكُونُ كَالْكَذِبِ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ حَيْثُ يُقَوِّلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>