. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُسْتَدِلُّ بِبَيَانِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي أَصْلٍ آخَرَ بِدُونِ ذَلِكَ الْوَصْفِ الَّذِي أَبْدَاهُ الْمُعْتَرِضُ، فَبَيَّنَ الْمُعْتَرِضُ أَنَّ فِي هَذَا الْوَصْفِ الثَّانِي وَصْفًا آخَرَ مُنَاسِبًا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهِ، لَزِمَ الْمُسْتَدِلَّ إِبْطَالُ هَذَا الْوَصْفِ بِحَذْفِهِ، أَوْ مَنْعِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْإِبْطَالِ، لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ لِلتَّعْلِيلِ، وَتَمْثِيلُهُ بِمَسْأَلَةِ الْأَمَانِ أَيْضًا إِذَا قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ، فَصَحَّ أَمَانُهُ كَالْحُرِّ، فَعَارَضَهُ الْخَصْمُ بِوَصْفِ الْحُرِّيَّةِ، فَأَلْغَاهُ الْمُسْتَدِلُّ بِالْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْقِتَالِ حَيْثُ صَحَّ أَمَانُهُ بِدُونِ الْحُرِّيَّةِ، فَقَدْ صَارَ الْمَأْذُونُ لَهُ كَأَصْلٍ بِأَنْ قَاسَ عَلَيْهِ الْمُسْتَدِلُّ، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُعْتَرِضُ أَنَّ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْقِتَالِ وَصْفًا آخَرَ مُنَاسِبًا لِصِحَّةِ الْأَمَانِ، مَفْقُودًا فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَذَلِكَ الْمُنَاسِبُ هُوَ الْإِذْنُ.
وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ أَنَّ السَّيِّدَ أَقَامَهُ مَقَامَهُ فِي الْقِتَالِ وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِ الْحَرْبِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ مِنْهُ الْكِفَايَةَ فِي ذَلِكَ وَرَصَانَةَ الرَّأْيِ، وَإِلَّا كَانَ السَّيِّدُ فَاسِقًا بِتَفْوِيضِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ إِلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا، وَالْفِسْقُ خِلَافُ ظَاهِرِ حَالِ الْمُسْلِمِ.
وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْإِذْنُ دَلِيلًا عَلَى صَلَاحِيَةِ هَذَا الْمَأْذُونِ لَهُ لِإِعْطَاءِ الْأَمَانِ، فَالْحُرِّيَّةُ وَإِنِ انْتَفَتْ حَقِيقَتُهَا، فَقَدْ خَلَفَهَا صِفَةٌ تُحَصِّلُ مَقْصُودُهَا، وَتَدُلُّ عَلَيْهَا، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ إِبْطَالُ هَذَا الْمُنَاسِبِ، وَإِلَّا كَانَ مُعَارَضًا بِوَصْفِ الْإِذْنِ كَمَا عُورِضَ بِوَصْفِ الْحُرِّيَّةِ. وَسَبِيلُهُ فِي إِلْغَائِهِ أَنْ يُبَيِّنَ مَثَلًا صِحَّةَ الْأَمَانِ مِنَ الْعَبْدِ فِي صُورَةٍ بِدُونِ الْإِذْنِ، وَلِلْمُعْتَرِضِ إِبْدَاءُ وَصْفٍ مُنَاسِبٍ فِي تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute