. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَحِيحًا، لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِوَصْفٍ وَلَمْ يُظْهِرْهُ بِكَمَالِهِ.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَكْفِيهِ إِلْغَاءُ كُلٍّ مِنَ الْمُنَاسِبَيْنِ بِالْأَصْلِ الْآخَرِ لِجَوَازِ ثُبُوتِ حُكْمِ كُلِّ أَصْلٍ بِعِلَّةٍ تَخُصُّهُ، إِذِ الْعَكْسُ غَيْرُ لَازِمٍ فِي الشَّرْعِيَّاتِ» .
اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْجَدَلِيِّينَ زَعَمَ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ إِذَا أَبْدَى فِي صُورَةِ الْإِلْغَاءِ مُنَاسِبًا آخَرَ غَيْرَ مَا عَرَّضَ بِهِ فِي أَصْلِ الْقِيَاسِ، كَفَى فِي جَوَابِهِ «إِلْغَاءُ كُلٍّ مِنَ الْمُنَاسِبَيْنِ» اللَّذَيْنِ أَبْدَاهُمَا الْمُعْتَرِضُ «بِالْأَصْلِ الْآخَرِ» . مِثْلَ أَنْ يُلْغِيَ الْحُرِّيَّةَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَانِ بِمَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ، حَيْثُ اكْتَفَى الْمُعْتَرِضُ فِيهِ بِالْإِذْنِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ حَقِيقَةَ الْحُرِّيَّةِ. وَيُلْغِي الْإِذْنَ بِأَمَانِ الْحُرِّ حَيْثُ صَحَّ وَلَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ وُجُودُ الْإِذْنِ، وَإِذَا أَلْغَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُنَاسِبَيْنِ، سَقَطَتِ الْمُعَارَضَةُ مِنَ الْأَصْلَيْنِ وَبَقِيَ قِيَاسُ الْمُسْتَدِلِّ سَالِمًا عَنْ مُعَارِضٍ، فَتَبَيَّنَ هَهُنَا أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَعَدُّدِ الْعِلَلِ فِي الْأُصُولِ، فَيَثْبُتُ حُكْمُ كُلِّ أَصْلٍ بِعِلَّةٍ غَيْرِ عِلَّةِ الْأَصْلِ الْآخَرِ، كَأَمَانِ الْحُرِّ بِعِلَّةِ الْحُرِّيَّةِ، وَأَمَانِ الْمَأْذُونِ بِعِلَّةِ الْإِذْنِ، لِأَنَّ «الْعَكْسَ» - يَعْنِي عَكْسَ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ - «غَيْرُ لَازِمٍ» كَمَا سَبَقَ، فَلَا يَجِبُ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ فِي أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ، لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ فِي الْأَصْلِ الْآخَرِ. مَثَلًا لَا يَلْزَمُ انْتِفَاءُ صِحَّةِ الْأَمَانِ مِنَ الْمَأْذُونِ لِانْتِفَاءِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَا انْتِفَاءُ صِحَّةِ أَمَانِ الْحُرِّ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْإِذْنِ، بَلْ جَازَ أَنْ تَثْبُتَ الصِّحَّةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ فِيهِ. وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِإِلْغَاءِ كُلٍّ مِنَ الْمُنَاسِبَيْنِ بِالْآخَرِ وَجْهٌ.
قَوْلُهُ: «وَإِنِ ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ اسْتِقْلَالَ مَا ذَكَرَهُ مُنَاسِبًا كَفَى الْمُسْتَدِلَّ فِي جَوَابِهِ بَيَانُ رُجْحَانِ مَا ذَكَرَهُ هُوَ بِدَلِيلٍ أَوْ تَسْلِيمٍ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute