للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِلَيْهَا، وَإِلَّا فَمَا دَامَ لِرَاكِبِهَا بِهَا عَلَقَةٌ كَانَ أَحَقَّ بِهَا، فَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ إِذَا عُورِضَ، وَبَقِيَتْ حِكْمَتُهُ، كَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُعْتَرِضُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ وَصْفِهِ، فَيَسْتَوِيَانِ حِينَئِذٍ فِي الِاعْتِبَارِ أَوِ السُّقُوطِ.

وَمِثَالُهُ مِنَ الْأَحْكَامِ أَنْ يَقُولَ الْحَنْبَلِيُّ فِي النَّبِيذِ: مُسْكِرٌ فَكَانَ حَرَامًا كَالْخَمْرِ، فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِتَحْرِيمِهِ أَوْ: غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَلَا يَحْرُمُ كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْحِكْمَةُ فِي الْإِسْكَارِ بَاقِيَةٌ عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَالْمُسْكِرُ مَظِنَّةٌ لَهَا، وَذَلِكَ كَافٍ فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ عَمَلًا بِوُجُودِ الْمَظِنَّةِ حَتَّى تَأْتِيَ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُعْتَرِضُ بِشَاهِدٍ عَلَى اعْتِبَارِ وَصْفِكَ وَهُوَ أَنَّ مَا لَيْسَ مَقْطُوعًا بِتَحْرِيمِهِ، أَوْ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ لَا يَكُونُ حَرَامًا. وَإِنْ لَمْ تَبْقَ حِكْمَةُ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ مَعَ مَا أَبْدَاهُ الْمُعْتَرِضُ، لَمْ يَحْتَجْ - يَعْنِي الْمُعْتَرِضَ - إِلَى أَصْلٍ يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ بِالِاعْتِبَارِ، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ تَابِعٌ لِبَقَاءِ الْحِكْمَةِ، لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ بِهِ، وَهُوَ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا، وَقَدْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهَا، وَمَعَ انْتِفَاءِ الْمَقْصُودِ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَاءِ الْوَسِيلَةِ.

وَمِثَالُ ذَلِكَ: مَسْأَلَةُ ضَمَانِ الْعَبْدِ وَنَظَائِرُهَا مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ، فَإِنَّ الْأَشْبَاهَ قَدْ تَتَعَادَلُ، فَلَا تَبْقَى حِكْمَةُ شُبَهِ الْمُسْتَدِلِّ، كَمَا إِذَا قَالَ: مَالٌ لِمَعْصُومٍ، فَيُضْمَنُ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ كَالْبَهِيمَةِ، فَالْحِكْمَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ، وَهُوَ تَحْصِيلُ الْعَدْلِ بِجَبْرِ مَا فَاتَ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ بِقِيمَةِ الْفَائِتِ، فَإِذَا قَالَ الْمُعْتَرِضُ: إِنْسَانٌ مَعْصُومٌ، فَلَا يَزِيدُ بَدَلُهُ عَلَى الْأَلْفِ كَالْحُرِّ؛ كَانَتْ هَذِهِ حِكْمَةً مُقَاوِمَةً، أَوْ مُقَارِبَةً لِلْأُولَى

<<  <  ج: ص:  >  >>