للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَهُوَ» - يَعْنِي الْقَوْلَ بِالْمُوجَبِ - «آخِرُ الْأَسْئِلَةِ» الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ تَرْتِيبُهَا، «وَيَنْقَطِعُ الْمُعْتَرِضُ بِفَسَادِهِ وَالْمُسْتَدِلُّ بِتَوْجِيهِهِ» . أَيْ: إِذَا فَسَدَ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ، انْقَطَعَ الْمُعْتَرِضُ، إِذْ بِفَسَادِهِ يَثْبُتُ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ سَالِمًا عَنْ مُعَارِضٍ، وَإِذَا صَحَّ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ وَتَوَجَّهَ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ صَحِيحًا، انْقَطَعَ لِأَنَّ بِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ دَلِيلَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَحَلَّ النِّزَاعِ، كَمَا لَوِ اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي بَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ فِيهَا بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ؛ قِيلَ لَهُ: سَلَّمْنَا دَلَالَتَهَا عَلَى التَّوْحِيدِ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَتَبْقَى دَعْوَاهُ خَالِيَةً عَنْ دَلِيلٍ، فَتَبْطُلُ، فَيَنْقَطِعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الْبَقَرَةُ: ١١١] .

قَوْلُهُ: «إِذْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ لَا يَجُوزُ لَهُ النِّزَاعُ فِيهِمَا» .

هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمُوجَبِ آخِرُ الْأَسْئِلَةِ، وَأَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَنْقَطِعُ بِفَسَادِهِ، وَأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ يَنْقَطِعُ بِتَوْجِيهِهِ، لِأَنَّ فِي الْقَوْلِ بِمُوجَبِ الدَّلِيلِ تَسْلِيمُ عِلَّتِهِ وَحُكْمِهِ، وَبَعْدَ تَسْلِيمِ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ لَا يَجُوزُ النِّزَاعُ فِيهِمَا، فَيَكُونُ آخِرَ الْأَسْئِلَةِ. ثُمَّ إِنِ اسْتَقَرَّ، انْقَطَعَ الْمُسْتَدِلُّ، وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ بَعْدُ، انْقَطَعَ الْمُعْتَرِضُ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>