قَالُوا: هَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّ التَّكَالِيفَ بِأَسْرِهَا تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ. قُلْنَا: مُلْتَزَمٌ. وَالْإِجْمَاعُ إِنْ عَنَيْتُمْ بِهِ الْعَقْلِيَّ فَمَمْنُوعٌ، أَوِ الشَّرْعِيَّ، فَالْمَسْأَلَةُ عِلْمِيَّةٌ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا فِيهَا لِظَنِّيَّتِهِ، بِدَلِيلِ الْخِلَافِ فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِ حُكْمِهِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي.
ــ
قَوْلُهُ: «قَالُوا: هَذَا» اعْتِرَاضٌ عَلَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ «يَسْتَلْزِمُ أَنَّ التَّكَالِيفَ بِأَسْرِهَا، تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ» .
أَمَّا كَوْنُهُ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ، فَلِأَنَّ التَّكَالِيفَ بِأَسْرِهَا إِمَّا مَعْلُومُ الْوُجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ مَعْلُومُ الْعَدَمِ، وَقَدْ بَيَّنْتُمْ أَنَّ إِيجَادَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحَالٌ، وَالتَّكَالِيفُ تُرَادُ لِلْإِيجَادِ، فَالتَّكْلِيفُ بِهَا تَكْلِيفٌ بِإِيجَادِ الْمُحَالِ، فَثَبَتَ أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَسْتَلْزِمُ أَنَّ التَّكَالِيفَ بِأَسْرِهَا تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ.
وَأَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ، فَلِأَنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى وَاجِبٍ، وَمُمْتَنِعٍ، وَمُمْكِنٍ، وَالْأَفْعَالُ الْمُكَلَّفُ بِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ، فَيَكُونُ فِيهَا الْمُمْكِنُ، وَذَلِكَ يَنْفِي مَا اسْتَلْزَمَهُ قَوْلُكُمْ مِنْ أَنَّ التَّكَالِيفَ كُلَّهَا تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ تَنْتَقِضُ بِالصُّورَةِ الْجُزْئِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا: مُلْتَزَمٌ» أَيْ: مَا أَلْزَمْتُمُونَاهُ، وَهُوَ أَنَّ التَّكَالِيفَ كُلَّهَا تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ مُلْتَزَمٌ، نَلْتَزِمُهُ وَنَقُولُ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: هُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَنَقُولُ: مَا تَعْنُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute