للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِي «جَدَلِهِ» زَعَمَ أَنَّ تَرْتِيبَ الْأَسْئِلَةِ عَلَى تَرْتِيبِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، وَأَنْتَ تَرَى الْخِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَاتِ الْأَسْئِلَةِ وَأَسْمَائِهَا وَتَرْتِيبِهَا، وَالضَّابِطُ الْكُلِّيُّ لَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنْ لَا يُفْضِيَ إِيرَادُهَا إِلَى مَنْعٍ بَعْدَ تَسْلِيمٍ أَوْ إِنْكَارٍ بَعْدَ اعْتِرَافٍ.

مِثْلَ أَنْ يَقُولَ فِي قَوْلِ الْمُسْتَدِلِّ: قَتْلٌ فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ، لِمَ قُلْتَ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ؟ سَلَّمْنَا أَنَّهُ يُوجِبُ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ قَتْلٌ، سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ يَنْتَقِضُ بِالْخَطَأِ، سَلَّمْنَاهُ، لَكِنَّهُ قَتْلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَوْ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ؟ سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ عِنْدَنَا مَا يُعَارِضُهُ، سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ مَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِكَ: إِنَّهُ قَتْلٌ؟ وَهُوَ سُؤَالُ الِاسْتِفْسَارِ، ثُمَّ يَذْكُرُ فَسَادَ الْوَضْعِ وَالِاعْتِبَارِ، فَالسُّؤَالُ الْأَوَّلُ سُؤَالُ الْمُطَالَبَةِ بِتَأْثِيرِ الْعِلَّةِ، وَفِيهِ تَسْلِيمُ وَجُودِهَا، وَالثَّانِي مَنْعُ الْعِلَّةِ، فَهُوَ مَنْعٌ بَعْدَ تَسْلِيمٍ، وَكَذَا الْأَسْئِلَةُ بَعْدَهُ فِي غَيْرِ مَرَاتِبِهَا، وَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.

قَالَ الْآمِدِيُّ فِي «الْجَدَلِ» : أَوَّلُ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ مِنَ الْأَسْئِلَةِ:

فَسَادُ الِاعْتِبَارِ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَجًّا بِهِ، فَلَا مَعْنًى لِلنَّظَرِ فِي تَفَاصِيلِهِ.

ثُمَّ فَسَادُ الْوَضْعِ، لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِتَسْلِيمِ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ فِي جِنْسِهِ.

ثُمَّ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّهُ نَظَرٌ فِي تَفْصِيلِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِتَسْلِيمِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيلِ.

ثُمَّ سُؤَالُ الِاسْتِفْسَارِ عَمَّا يَدَّعِي كَوْنَهُ عِلَّةً، إِذِ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِفْسَارِ عَنِ الْوَصْفِ الْمُسْتَنْبَطِ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ الْمُسْتَنْبَطِ عَنْهُ.

ثُمَّ مَنْعُ وُجُودِ الْوَصْفِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِمَعْرِفَةِ الْوَصْفِ، وَالِاسْتِفْسَارُ يُشْعِرُ بِجَهْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>