. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَالْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ، وَسُؤَالُ الْقَلْبِ؛ لِكَوْنِهِ نَظَرًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَرْعِ التَّابِعِ لِلْأَصْلِ، ثُمَّ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ لِتَضَمُّنِهِ تَسْلِيمَ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّلِيلِ الْمُثْمِرِ لَهُ.
قُلْتُ: وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَنَا: يَلْزَمُ أَوْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْأَدِلَّةِ، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، أَوْ لَا يَجُوزُ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ الْوُجُوبَ أَوْ عَدَمَ الْجَوَازِ الشَّرْعِيِّ، بِمَعْنَى أَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحِيٌّ، أَيْ: يَكُونُ تَارِكُهُ مَذْمُومًا فِي اصْطِلَاحِ النُّظَّارِ، فَهُوَ قَادِحٌ فِي الْفَضِيلَةِ، لَا فِي دِينٍ وَلَا مُرُوءَةٍ بِالنَّظَرِ فِي الطَّرِيقِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، يَعْرِفُ أَمْثِلَةَ إِيرَادِ الْأَسْئِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْجَوَابِ عَنْهَا، كَتَعْلِيقَةِ الشَّرِيفِ الْمَرَاغِيِّ، وَالسَّيْفِ الْآمِدِيِّ، وَتَعْلِيقَةِ ابْنِ الْمَنِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ الطَّرَائِقِ.
أَمَّا طَرِيقَةُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَصْحَابِهِ، كَأَبِي الْخَطَّابِ فِي «الِانْتِصَارِ» ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي «عُمُدِ الْأَدِلَّةِ» وَنَحْوِهَا، فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا، ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا الْأَدِلَّةَ سَرْدًا وَتَرْتِيبًا، بَلْ أَوْرَدُوا كُلَّ دَلِيلٍ وَجَوَابَهُ عَقِيبَهُ مُرَتَّبًا ذَلِكَ أَوْ غَيْرَ مُرَتَّبٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْئِلَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَدِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ وُرُودِهَا عَلَى الْقِيَاسِ أَنَّهَا تَرِدُ عَلَى كُلِّ قِيَاسٍ، لِأَنَّ مِنَ الْأَقْيِسَةِ مَا لَا يَرِدُ مِنْ مُوْرِدِهَا عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَسْئِلَةِ الْمَذْكُورَةِ، كَالْقِيَاسِ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، لَا يَتَّجِهُ عَلَيْهِ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ إِلَّا مِنْ ظَاهِرِيٍّ وَنَحْوِهِ مِنْ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ، وَاللَّفْظُ الْبَيِّنُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ سُؤَالُ الِاسْتِفْسَارِ، وَالْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ فَسَادُ الْوَضْعِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُمْكِنُ تَخَلُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَسْئِلَةِ عَلَى الْبَدَلِ عَنْ بَعْضِ الْأَقْيِسَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْأَسْئِلَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الْقِيَاسِ لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute