. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِي الْفَتَاوَى كَثِيرًا، فَلَوْ كَانَ الِاجْتِهَادُ الْمُطْلَقُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، شَرْطًا فِي الِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا؛ لَمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ مُجْتَهِدِينَ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا: لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ، قُلْنَا: (لَا أَدْرِي) أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعِلْمِ» هَذَا سُؤَالٌ مِنَ الْمَانِعِينَ لِتَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ: لَا أَدْرِي، كَانَ لِعَدَمِ آلَةِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا سُئِلُوا عَنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِهِمْ مُجْتَهِدِينَ، إِذْ شَأْنُ الْمُجْتَهِدِ الْجَوَابُ تَارَةً، وَالتَّوَقُّفُ أُخْرَى، بِحَسَبِ ظُهُورِ الدَّلِيلِ وَخَفَائِهِ. وَحِينَئِذٍ مَا اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فِي آحَادِ الْمَسَائِلِ إِلَّا مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ بِاجْتِهَادٍ كُلِّيٍّ لَا جُزْئِيٍّ. وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ دَلِيلُكُمْ عَلَى تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ.
وَتَقْرِيرُهُ الْجَوَابَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ: لَا أَدْرِي؛ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ لِعَدَمِ اجْتِهَادِهِ فِيهَا، فَحَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، إِذْ هُوَ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ الْإِمَامِ الْمُفْتِي، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِخْبَارٌ بِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِ ذَلِكَ الْإِمَامِ بِحُكْمِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، فَيُسْتَصْحَبُ فِيهِ الْحَالُ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا وَقَفَ فِي الْجَوَابِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ، فَمَنِ ادَّعَى خِلَافَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute