للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَمْرٌ بِالِاعْتِبَارِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ، وَحَضٌّ عَلَى التَّدَبُّرِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْعُمُومِ، «تُرِكَ فِي الْعَامِّيِّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ» فَفِي غَيْرِهِ يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ وَذَلِكَ يُعَارِضُ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ دَلَالَةِ طَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ عَلَى التَّقْلِيدِ.

قَوْلُهُ: «الْأَصْلُ جَوَازُ التَّقْلِيدِ» .

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، بَلِ الْأَصْلُ مَنْعُهُ، لِأَنَّهُ أَخْذٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.

قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ حُصُولِ أَدَوَاتِ الِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ أَحَدٍ عَادَةً.

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا يُجِيزُ التَّقْلِيدَ. ثُمَّ الْكَلَامُ فِيمَنْ حَصَّلَ أَدَوَاتِ الِاجْتِهَادِ.

قُلْتُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا وَاسِطَةٌ بَيْنَ طَرَفَيْنِ، فَتَجَاذَبَاهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ يُقَلِّدُ بِاتِّفَاقٍ، وَالْمُجْتَهِدَ إِذَا ظَنَّ الْحُكْمَ بِاجْتِهَادٍ لَا يُقَلِّدُ بِاتِّفَاقٍ.

أَمَّا الْمُجْتَهِدُ الَّذِي لَمْ يَجْتَهِدْ فِي الْحُكْمِ، وَيَظْهَرُ لَهُ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ظَنُّ الْحُكْمِ يَلْحَقُ بِالْعَامِّيِّ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّ فِيهِ أَدَوَاتِ الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ بِقُوَّتِهِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْفِعْلِ يَلْحَقُ بِالْمُجْتَهِدِ الَّذِي ظَنَّ الْحُكْمَ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّقْلِيدِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهِ أَشْبَهُ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِيمَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ دُونَ بَعْضٍ، كَالنَّحْوِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ نَحْوِيَّةٍ، وَالْمُحَدِّثِ فِي مَسْأَلَةٍ خَبَرِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ أَحْوَالِ الرُّوَاةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ هُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَإِلْحَاقُهُ بِالْعَامِّيِّ أَشْبَهُ بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ بِمَعْرِفَةِ الْحُكْمِ إِذَا اجْتَهَدَ.

فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>