. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَقَلُّ رُوَاةً، «وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ» أَيْ: قَالُوا: لَا يُقَدَّمُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ، «كَالشَّهَادَةِ» لَا يُقَدَّمُ فِيهَا الْأَكْثَرُ عَدَدًا عَلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: «وَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ» . يَعْنِي عِنْدَ مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ الْبَاقِلَّانِيِّ مِنْ إِنْكَارِ تَرْجِيحِ الْأَدِلَّةِ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ.
وَتَقْرِيرُهُ هَهُنَا أَنَّ كَثْرَةَ الْعَدَدِ يُفِيدُ قُوَّةَ الظَّنِّ حَتَّى يُفْضِيَ إِلَى الْعِلْمِ، بِتَزَايُدِهِ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ، وَزِيَادَةُ الظَّنِّ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا، إِذْ مَا دُونَهَا مَغْمُورٌ بِهَا، فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ مَعَهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَكْثَرُهُمْ فِيمَا أَحْسَبُ عَلَى خِلَافِهِ، لِمَا ذَكَرْنَا. قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: الْكَرْخِيُّ يَحْكِي التَّرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَقِيلَ: هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
قَوْلُهُ: «وَالْمُسْنَدُ» ، أَيْ: وَيُقَدَّمُ «الْمُسْنَدُ عَلَى الْمُرْسَلِ» ، لِأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِضَعْفٍ لَحِقَهُ تَبَيَّنَ فِيمَا سَبَقَ، فَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ الْمُتَّفَقِ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً أَوْلَى، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ مَعَ كُلِّ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ، فَتَقْدِيمُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ. وَرَجَّحَ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ، وَمَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ الْمُرْسَلِ عَلَى الْمُسْنَدِ، وَسَوَّى بَيْنَهُمَا عَبْدُ الْجَبَّارِ.
قَوْلُهُ: «إِلَّا مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ فَالْأَمْرُ أَسْهَلُ فِيهَا لِثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ كَمَا سَبَقَ» ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْمُسْنَدِ، أَوْ يُعَارِضَهُ، وَيُنْتَظَرُ الْمُرَجِّحُ.
قُلْتُ: وَهَذَا عَلَى مَا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ. أَمَّا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ ; فَإِذَا تَعَارَضَ الْمُسْنَدُ وَالْمُرْسَلُ بِأَنْ قَالَ الصَّحَابِيُّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ كَذَا، فَقَالَ صَحَابِيٌّ آخَرُ: حَدَّثْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute