للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَرِوَايَةُ الْمُتْقِنِ وَالْأَتْقَنِ، وَالضَّابِطِ وَالْأَضْبَطِ، وَالْعَالِمِ وَالْأَعْلَمِ، وَالْوَرِعِ وَالْأَوْرَعِ، وَالتَّقِيِّ وَالْأَتْقَى عَلَى غَيْرِهِمْ» .

اعْلَمْ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ، لَكِنْ نَزِيدُهُ إِيضَاحًا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ شَخْصَيْنِ اشْتَرَكَا فِي صِفَةٍ، أَوْ فِعْلٍ، وَتَفَاوَتَا فِيهِمَا بِالْكَمِّيَّةِ، أَوِ الْكَيْفِيَّةِ، كَانَا جَمِيعًا مُشْتَرِكَيْنِ فِي اشْتِقَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ لَهُمَا مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ، أَوْ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَاخْتَصَّ الزَّائِدُ مِنْهُمَا بِاشْتِقَاقِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ لَهُ مِنْهُمَا، فَيُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الْإِتْقَانِ: مُتْقِنٌ، وَلِلزَّائِدِ فِيهِ: أَتْقَنُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصِّفَاتِ.

فَنَقُولُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ: تُقَدَّمُ رِوَايَةُ الْمُتْقِنِ عَلَى غَيْرِ الْمُتْقِنِ، وَرِوَايَةُ الْأَتْقَنِ عَلَى غَيْرِ الْأَتْقَنِ ; وَإِنْ كَانَ مُتْقِنًا، لِأَنَّ نِسْبَةَ الْمُتْقِنِ إِلَى الْأَتْقَنِ كَنِسْبَةِ الْفَاضِلِ إِلَى الْأَفْضَلِ، وَهُوَ مُتَرَجِّحٌ كَمَا سَبَقَ.

وَتُقَدَّمُ رِوَايَةُ الضَّابِطِ عَلَى غَيْرِ الضَّابِطِ، وَرِوَايَةُ الْأَضْبَطِ عَلَى غَيْرِ الْأَضْبَطِ، وَرِوَايَةُ الْعَالِمِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِ الْعَالِمِ ; كَرِوَايَةِ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ مِثْلَ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأُبَيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَنَحْوِهِمْ، عَلَى مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِالْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مِنْهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُوَ كَثِيرٌ. وَكَذَلِكَ تُقَدَّمُ رِوَايَةُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَئِمَّةِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ مَشْهُورًا بِالْفِقْهِ مِنْهُمْ.

وَتُقَدَّمُ رِوَايَةُ الْأَعْلَمِ عَلَى غَيْرِ الْأَعْلَمِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا كَرِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى، فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ أَعْلَمُ بِلَا شَكٍّ. وَلِهَذَا وَهِمَ أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>