للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَمَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَاوِيهِ خِلَافُهُ عَلَى غَيْرِهِ» ، أَيْ: إِذَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ، أَحَدُهُمَا قَدْ نُقِلَ عَنْ رَاوِيهِ خِلَافُهُ قُولًا أَوْ فِعْلًا، وَالْآخَرُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَاوِيهِ خِلَافُهُ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا، قُدِّمِ الثَّانِي، لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الرَّاوِي مَا رَوَاهُ يُؤْثِرُ شُبْهَةً، فَالْخَالِي مِنْهُ يَكُونُ رَاجِحًا، كَمَا سَبَقَ فِيمَا لَحِقَهُ النَّكِيرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: «وَلَا يُرَجَّحُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» . أَيْ: إِذَا تَعَارَضَ نَصَّانِ، وَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِأَحَدِهِمَا، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لَهُ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: يُرَجَّحُ بِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يُرَجَّحُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ:

حُجَّةُ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْأَمَاكِنَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي زِيَادَةِ الظُّنُونِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِهِ.

حُجَّةُ الثَّانِي: أَنَّ إِطْبَاقَ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ يُفِيدُهُ تَقْوِيَةٌ وَزِيَادَةُ ظَنٍّ، فَيُرَجَّحُ بِهِ، كَمُوَافَقَةِ خَبَرٍ آخَرَ، وَلِأَنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمَذْكُورِينَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ إِجْمَاعًا، فَإِنْ كَانَ إِجْمَاعًا، فَهُوَ مُرَجَّحٌ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا، فَأَدْنَى أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُرَجَّحًا، كَالظَّاهِرِ وَالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ.

قُلْتُ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

وَقَوْلُهُمْ: «لَا تَأْثِيرَ لِلْأَمَاكِنِ فِي زِيَادَةِ الظُّنُونِ» .

قُلْنَا: نَحْنُ لَا نُرَجِّحُ بِالْأَمَاكِنِ، بَلْ بِأَقْوَالِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِهَا، وَهُوَ مُفِيدٌ لِزِيَادَةِ الظَّنِّ بِلَا شَكٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>