. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَذْكُورَةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [الْمُرْسَلَاتِ: ٥ - ٦] ، {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] ، {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه: ١١٣] ، أَنَّ «أَوْ» فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ بِمَعْنَى وَاوِ النَّسَقِ.
قُلْتُ: وَتَوْجِيهُهَا عَلَى أَصْلِ الْبَابِ، أَنَّهَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} لِلتَّنْوِيعِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُلْقِي الذِّكْرَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ مُنَوَّعًا، أَيْ: إِعْذَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ، وَإِنْذَارٌ لَهُمْ. وَالْكَلَامُ هُنَا فِي سِيَاقِ الْقَسَمِ، كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: أَقْسَمْتُ بِالْمَلَائِكَةِ الْمُلْقِيَاتِ الذِّكْرَ، إِعْذَارًا أَوْ إِنْذَارًا، أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، أَوْ شِئْتُمْ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، فَهُوَ قَسَمٌ عَظِيمٌ، كَقَوْلِهِ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الْوَاقِعَةِ: ٧٥ - ٧٦] ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الْإِسْرَاءِ: ١١٠] ، أَيْ: بِأَيِّهِمَا دَعَوْتَهُ فَهُوَ عَظِيمٌ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] ، فَمَعْنَاهُ: أَلِينَا لَهُ الْقَوْلَ، عَلَى رَجَاءٍ مِنْكُمَا أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ، تَذَكُّرُهُ أَوْ خَشِيَتُهُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ - وَهُوَ إِيمَانُهُ - يَتَرَتَّبُ غَالِبًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ تَعَالَى آمَنَ بِهِ، وَمَنْ تَذَكَّرَ وَأَجَادَ النَّظَرَ، تَرَتَّبَ عَلَى تَذَكُّرِهِ الْعِلْمُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْعِلْمِ الْإِيمَانُ.
وَكَذَا الْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ} - يَعْنِي الْقُرْآنَ - {لَهُمْ ذِكْرًا} [طَه: ١١٣] أَيْ: صَرَّفْنَا لَهُمُ الْوَعِيدَ فِي الْقُرْآنِ، وَعَامَلْنَاهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute