للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، فَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الشَّافِعِيَّةِ، مَنْقُولٌ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ عَلَى مَا حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ.

قُلْتُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ: يَنْقَضِي وَقْتُهَا بِمُضِيِّ قَدْرِ وُضُوءٍ، وَسَتْرِ عَوْرَةٍ، وَأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ، وَخَمْسِ رَكَعَاتٍ، لَكِنَّهُمُ الْيَوْمَ قَائِلُونَ بِالْمُوَسَّعِ، مُنْكِرُونَ لِخِلَافِهِ، وَمَدْرَكُ قَوْلِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ سَمْعِي، مَعَ أَنَّ الْقَدِيمَ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ كَغَيْرِهَا، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي «الْمِنْهَاجِ» .

وَوَجْهُ هَذَا الْمَذْهَبِ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ بِهِ: أَنَّ الْوَقْتَ سَبَبُ الْوُجُوبِ، وَبِدُخُولِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ يَتَحَقَّقُ دُخُولُهُ بِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَالْأَصْلُ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا، فَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِمَا تَحَقَّقَتْ بِهِ سَبَبِيَّتُهُ، وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْوَاقِعُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءً، سَدَّ مَسَدَّ الْأَدَاءِ.

وَضُعِّفَ هَذَا الْمَذْهَبُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِذْنُ فِي تَفْوِيتِ الْأَدَاءِ لِفِعْلِ الْقَضَاءِ، لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِأَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَوَاتِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَهَذَا غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي الشَّرِيعَةِ، بِخِلَافِ تَفْوِيتِ الْأَدَاءِ لِفِعْلِ الْقَضَاءِ لِعُذْرٍ، كَمَا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَالْحَائِضِ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ تَخْصِيصُ الْوُجُوبِ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ، قَالُوا: لِأَنَّ الشَّيْءَ يَدُورُ مَعَ خَاصَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، يَثْبُتُ لِثُبُوتِهَا، وَيَنْتَفِي لِانْتِفَائِهَا. وَخَاصَّةُ الْوُجُوبِ الْإِثْمُ عَلَى التَّرْكِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>