. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَالْمُكَلَّفُ، لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى إِيجَادِهِمَا. وَحُضُورُ الْإِمَامِ وَالْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ لِلْجُمُعَةِ فِي الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُمَا شَرْطٌ لَهَا، وَلَيْسَ إِلَى آحَادِ الْمُكَلَّفِينَ بِالْجُمُعَةِ إِحْضَارُ الْخَطِيبِ لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، وَلَا إِحْضَارُ آحَادِ النَّاسِ لِيُتِمَّ بِهِمُ الْعَدَدَ، فَهَذَا الضَّرْبُ غَيْرُ وَاجِبٍ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْلِيفِ الْمُحَالِ، لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ، لِأَنَّ مَنْ قِيلَ لَهُ: أَوْجَبْنَا عَلَيْكَ أَنْ تَعْمَلَ لِنَفْسِكَ قُدْرَةً وَيَدًا، ثُمَّ تَكْتُبُ، فَقَدْ كُلِّفَ مُحَالًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهَا كَمَا سَبَقَ، لِأَنَّ الْيَدَ وَالْقُدْرَةَ شَرْطَانِ لِصِحَّةِ الْكِتَابَةِ عَقْلًا، وَحُضُورُ الْإِمَامِ وَالْعَدَدِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ شَرْعًا.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ، ثُمَّ هُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُقُوعِ الْفِعْلِ، أَوْ غَيْرَ شَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ شَرْطًا كَالطَّهَارَةِ وَسَائِرِ الشُّرُوطِ لِلصَّلَاةِ، وَكَالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِعَدَمِ إِيجَابِهِ، كَقَوْلِهِ: صَلِّ، وَلَا أُوجِبُ عَلَيْكَ الْوُضُوءَ، لَمْ يَجِبْ عَمَلًا بِمُوجِبِ التَّصْرِيحِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِإِيجَابِهِ، وَجَبَ لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِيجَابٍ وَلَا عَدَمِهِ، بَلْ أَطْلَقَ، وَجَبَ أَيْضًا عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجِبُ، وَإِلَى التَّقْسِيمِ الْمَذْكُورِ أَشَرْتُ. فَهُوَ وَاجِبٌ إِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَمِ إِيجَابِهِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ، وَهُوَ مَا إِذَا صَرَّحَ بِالْإِيجَابِ أَوْ أَطْلَقَ.
قَوْلُهُ: «وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا» هُوَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْوَاجِبِ لَوْ لَمْ يَجِبْ، لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لِلْوَاجِبِ، لَكِنَّهُ شَرْطٌ لَهُ، فَيَكُونُ وَاجِبًا.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ، فَلِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرْطِ، لِأَنَّ كُلَّ شَرْطٍ فِي شَيْءٍ فَهُوَ وَاجِبٌ لَهُ. وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ هَذَا الْمُتَنَازَعَ فِيهِ شَرْطٌ، فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَإِذَا كَانَ شَرْطًا، كَانَ وَاجِبًا، لِمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ لَازِمٌ لِلشَّرْطِ، وَوُجُودُ الْمَلْزُومِ - الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute