. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُؤَثِّرِهِ، لَكِنَّ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ - وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعَقُّلُ الْمُوجِبِ لِمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ - مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: لَمَّا دَلَّ الدَّلِيلُ الِالْتِزَامِيُّ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ تَحْقِيقًا لِغَسْلِ الْوَجْهِ، كَانَ الْمُوجِبُ لِغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ هُوَ الْمُوجِبُ لِغَسْلِ الْوَجْهِ، فَالْمُوجِبُ الْمُتَعَقَّلُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ هُوَ بِعَيْنِهِ مُتَعَقَّلٌ فِي غَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الثَّالِثُ، فَيُقَالُ: لَوْ كَانَ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبًا، لَكَانَ بِتَقْدِيرِ انْفِكَاكِهِ عَنِ الْوَاجِبِ يَعْصِي الْمُكَلَّفُ بِتَرْكِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَعْصِي بِتَرْكِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ إِمْكَانُ اسْتِيعَابِ غَسْلِ الْوَجْهِ بِدُونِ غَسْلِ شَيْءٍ مِنَ الرَّأْسِ وَاسْتِيعَابِ الْيَوْمِ بِدُونِ إِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، لَمَا عَصَى بِتَرْكِ الْجُزْءِ مِنْهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَعْصِ بِتَرْكِهِ لَا يَكُونُ وَاجِبًا، لِأَنَّ الْعِصْيَانَ بِالتَّرْكِ مِنْ خَوَاصِّ الْوَاجِبِ، وَإِذَا انْتَفَتْ خَاصَّةُ الشَّيْءِ انْتَفَى ذَلِكَ الشَّيْءُ.
وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا الْإِلْزَامِ أَنْ يُقَالَ: الِانْفِكَاكُ الَّذِي قَدَّرْتُمُوهُ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ، لِأَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ حَدِّ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تَحْقِيقًا، بِحَيْثُ يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِحُكْمِهِ دُونَ جُزْءٍ مِنْ مُجَاوَرِهِ مِمَّا لَا قُوَّةَ لِلْبَشَرِ عَلَى تَحْقِيقِهِ، وَإِذَا كَانَ مُحَالًا فِي الْعَادَةِ جَازَ أَنْ يَلْزَمَهُ مُحَالٌ عَادِيٌّ، وَهُوَ عَدَمُ التَّعْصِيَةِ بِتَرْكِهِ، فَيَكُونُ عَدَمُ تَعْصِيَتِهِ بِتَرْكِهِ مُحَالًا لَازِمًا لِمُحَالٍ، وَالْمُحَالُ يَلْزَمُهُ الْمُحَالُ.
أَوْ يُقَالُ: الْوَاجِبُ شَرْعًا عَلَى وِزَانِ الْوَاجِبِ عَقْلًا، وَكَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَقْلًا تَارَةً يَكُونُ وُجُوبُهُ لِذَاتِهِ، وَتَارَةً لِغَيْرِهِ. فَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ شَرْعًا، تَارَةً يَجِبُ قَصْدًا بِالنَّظَرِ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute