للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِذًا» أَيْ: عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ «لَفْظِيٌّ» أَيْ: فِي اللَّفْظِ، لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ صَارَ كَالْأَوَّلِ، سَوَاءً فِي أَنَّ إِحْدَاهُمَا حَرُمَتْ بِالْأَصَالَةِ، وَالْأُخْرَى بِعَارِضِ الِاشْتِبَاهِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا قَرَّرْنَا شَيْئًا، ثُمَّ قُلْنَا: فَالْحُكْمُ إِذًا كَذَا، مَعْنَاهُ، الْحُكْمُ إِذْ ذَاكَ، أَوْ إِذِ الْحَالُ عَلَى مَا وَصَفَ كَذَا، فَإِذًا هَاهُنَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ إِذِ الَّتِي هِيَ ظَرْفُ زَمَنٍ مَاضٍ، وَمِنْ جُمْلَةٍ بَعْدَهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لَكِنْ حُذِفَتِ الْجُمْلَةُ تَخْفِيفًا، وَأُبْدِلَ مِنْهَا التَّنْوِينُ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: حِينَئِذٍ وَسَاعَتَئِذٍ وَلَيْلَتَئِذٍ، وَالْمَعْنَى: حِينَ إِذْ كَانَ ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

نَهَيْتُكَ عَنْ طِلَابِكَ أُمَّ عَمْرٍو ... بِعَافِيَةٍ وَأَنْتَ إِذٍ صَحِيحُ

أَيْ: وَأَنْتَ إِذْ نَهَيْتُكَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَتْ «إِذًا» هَذِهِ هِيَ النَّاصِبَةُ لِلْفِعْلِ الْمُضَارِعِ، لِأَنَّ تِلْكَ تَخْتَصُّ بِهِ، وَلِذَلِكَ عَمِلَتْ فِيهِ، وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا مَا يَخْتَصُّ، وَهَذِهِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ بَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} [النِّسَاءِ: ٦٧] ، {إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} [الْإِسْرَاءِ: ١٠٠] ، {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ} [الْإِسْرَاءِ: ٧٥] ، وَعَلَى الِاسْمِ كَقَوْلِكَ: إِذَا كُنْتُ ظَالِمًا فَإِذًا حُكْمُكَ فِيَّ مَاضٍ. عَلَى أَنِّي لَوْلَا قَوْلُ النُّحَاةِ: أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إِلَّا مَا اخْتَصَّ، وَإِذًا عَامِلَةٌ فِي الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ النَّصْبَ، فَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِهِ، لَقُلْتُ: إِنَّ «إِذًا» فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّ مَعْنَاهُ تَقْيِيدُ مَا بَعْدَهَا بِزَمَنٍ أَوْ حَالٍ، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَنَا إِذَنْ أُكْرِمَكَ، وَأَنَا إِذَنْ أَزُورَكَ، فَيَقُولُ السَّامِعُ: إِذَنْ أُكْرِمَكَ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَنَا أُكْرِمَكَ زَمَنَ، أَوْ حَالَ، أَوْ عِنْدَ زِيَارَتِكَ لِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>