. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْخُطْبَةِ فِي التَّرْبِيعِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ تَعَالَى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فَاطِرٍ: ١٤] . فَالْفِقَرُ الثَّلَاثُ الْأُوَلُ عَلَى الْكَافِ وَالْمِيمِ بِخِطَابِ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ، وَالرَّابِعَةُ عَلَى الرَّاءِ، وَالنَّظِيرُ هَاهُنَا فِي مُطْلَقِ التَّرْبِيعِ لَا فِي عَيْنِ حُرُوفِ الْفَوَاصِلِ.
وَالْفِقَرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ جَمْعُ فِقْرَةٍ - بِسُكُونِ الْقَافِ - وَهِيَ أَجْوَدُ بَيْتٍ فِي الْقَصِيدَةِ، شُبِّهَ بِفَقَارَةِ الظَّهْرِ، ثُمَّ سُمِّيَتِ الْقِطْعَةُ مِنَ السَّجْعِ فِقْرَةً تَشْبِيهًا بِهِ، وَالْفَاصِلَةُ فِي النَّثْرِ كَالْقَافِيَّةِ فِي الشِّعْرِ، وَقَدْ حَقَّقْتُ الْقَوْلَ فِيهَا فِي كِتَابِ " بُغْيَةِ الْوَاصِلِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْفَوَاصِلِ ".
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنَ الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ عَلَى مَا أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النِّسَاءِ: ٢٨] وَ {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الرُّومِ: ٥٤] لَا يَسْتَقِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ مُرَادَاتِهِ بِدُونِ إِعَانَةٍ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَتَوْفِيقٍ، وَعِصْمَةٍ، وَتَسْدِيدٍ. وَكَانَ دُعَاءُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنِدَاؤُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا مَشْرُوعًا، وَافْتِتَاحُ الْأُمُورِ الَّتِي يُرَامُ الشُّرُوعُ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَالتَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اسْمِهِ مَنْدُوبًا، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الْأَعْرَافِ: ٥٥] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النَّمْلِ: ٦٢] {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٨٣] فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ وَعَلَى الْإِخْبَارِ بِهِ مِنْ أَعْيَانِ الْبَشَرِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَكَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ. وَفِي رِوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute