الْمُثْبِتُ: لَا مَانِعَ إِلَّا اتِّحَادُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ إِجْمَاعًا، وَلَا اتِّحَادَ، إِذِ الصَّلَاةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ مَأْمُورٌ بِهَا، وَالْغَصْبُ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَصْبٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَعْقُولٌ بِدُونِ الْآخَرِ، وَجَمْعُ الْمُكَلَّفِ لَهُمَا لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ حُكْمِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ.
وَأَيْضًا، طَاعَةُ الْعَبْدِ وَعِصْيَانُهُ، بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أُمِرَ بِخِيَاطَتِهِ، فِي مَكَانٍ نُهِيَ عَنْ دُخُولِهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَلَوْ مَرَقَ سَهْمُهُ مِنْ كَافِرٍ إِلَى مُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ، ضَمِنَ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً، وَاسْتَحَقَّ سَلَبَ الْكَافِرِ.
ــ
- قَوْلُهُ: «الْمُثْبِتُ» أَيْ: هَذِهِ حُجَّةُ الْمُثْبِتِ، لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ. وَتَقْرِيرُهَا أَنَّهُ «لَا مَانِعَ» مِنَ الصِّحَّةِ «إِلَّا اتِّحَادُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ» يَعْنِي مُتَعَلِّقَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ «إِجْمَاعًا» أَيْ: لَا مَانِعَ إِلَّا اتِّحَادُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، «وَلَا اتِّحَادَ» أَيْ: لَيْسَ مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُتَّحِدًا، فَلَا مَانِعَ حِينَئِذٍ مِنَ الصِّحَّةِ، وَبَيَانُ أَنَّ مُتَعَلِّقَهُمَا غَيْرُ مُتَّحِدٍ هُوَ أَنَّ «الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ - أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَلْحَقُهَا مِنْ مَكَانٍ وَغَيْرِهِ - مَأْمُورٌ بِهَا، وَالْغَصْبُ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَصْبٌ - أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يُلَابِسُهُ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا - مَنْهِيٌّ عَنْهُ» ، وَكُلٌّ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْغَصْبِ مَعْقُولٌ بِدُونِ الْآخَرِ، وَيُمْكِنُ وُجُودُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ، كَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يَغْصِبْ، أَوْ غَصَبَ وَلَمْ يُصَلِّ، «وَجَمْعُ الْمُكَلَّفِ لَهُمَا» بِالصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ حُكْمِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ - أَيْ: فِي حَالِ انْفِرَادِهِمَا، وَهُوَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ، وَكَوْنُهَا طَاعَةً، وَالنَّهْيُ عَنِ الْغَصْبِ، وَكَوْنُهُ مَعْصِيَةً - وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُمَا مُجْتَمَعَيْنِ مَا يَثْبُتُ لَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ، لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَا يَقْلِبُ حَقِيقَتَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute