. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْفِعْلَ أَخَصُّ بِالزَّمَانِ، وَأَلْزَمُ لَهُ مِنَ الْمَكَانِ بِدَلِيلِ انْقِسَامِ الْفِعْلِ بِانْقِسَامِ الزَّمَانِ إِلَى مَاضٍ وَحَالٍ وَمُسْتَقْبَلٍ، وَلَمْ يَنْقَسِمْ بِانْقِسَامِ الْأَمْكِنَةِ، وَالْفِعْلُ وَالزَّمَانُ عَرَضَانِ وَالْمَكَانُ جِسْمٌ، وَحِينَئِذٍ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ الزَّمَانُ فِي الْفِعْلِ مِنَ الْبُطْلَانِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ وَلُزُومِهِ مَا لَا يُؤْثِرُهُ الْمَكَانُ لِعَدَمِ ذَلِكَ، وَهَذَا فَرْقٌ لَكِنْ فِي تَأْثِيرِهِ نَظَرٌ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا أَعْنِي: صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمَنْهِيُّ عَنْهُ نَفْسُ الصَّوْمِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إِيقَاعُ الصَّوْمِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ لَا نَفْسُ الصَّوْمِ، فَلَا تَضَادَّ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ بَعْضُ مُصَحِّحِي هَذِهِ الصَّلَاةِ: لَوْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ، لَمَا صَحَّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ مَغْصُوبٍ، لَكِنْ قَدْ صَحَّ هُنَاكَ فَلْتَصِحَّ الصَّلَاةُ هُنَا.
قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَحْكَامَ الْحَجِّ قَدْ دَخَلَهَا مِنَ الِاحْتِيَاطِ لِصِحَّتِهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ، حَتَّى قَالُوا: يَلْزَمُ نَفْلُ الْحَجِّ بِالشُّرُوعِ دُونَ نَفْلِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّ مَنْ أَحْرَمَ عَنْ نَذْرٍ أَوْ عَنْ نَفْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، انْقَلَبَ الْإِحْرَامُ إِلَى فَرْضِهِ، وَإِنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يَزُولُ بِرَفْضِهَا. وَلَمْ يَقُولُوا كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الْحَجِّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّلَاةَ لِلْمَكَانِ أَلْزَمُ مِنَ الْوُقُوفِ عَلَى الْبَعِيرِ إِذْ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى غَيْرِ بَعِيرٍ وَلَا دَابَّةٍ أَصْلًا، وَلَا يُمْكِنُ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ مَكَانٍ أَصْلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute