. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَحِقَهَا حُكْمُ الشَّرْعِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَصٌّ خَالٍ عَنْ مَعَارِضٍ، وَحِينَئِذٍ تَتَحَقَّقُ الْجِهَتَانِ كَمَا قُلْنَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَاعِدَةَ وُجُوبُ تَصْحِيحِ تَصَرُّفَاتِ الْعُقَلَاءِ الْمُكَلَّفِينَ مَا وُجِدَ السَّبِيلُ إِلَى ذَلِكَ، خُصُوصًا الْعِبَادَاتُ الَّتِي هِيَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فَقَوْلُنَا فِي تَصْحِيحِهَا جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَقَوْلُ الْخَصْمِ فِي إِبْطَالِهَا خَارِجٌ عَنْهَا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُوَافَقَةَ الْقَوَاعِدِ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهَا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةً، وَالْغَصْبَ يَتَضَمَّنُ مَفْسَدَةً، وَالْعِنَايَةُ بِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَشَدَّ مِنَ الْعِنَايَةِ بِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَسَاوِيَهَا، لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْمَصْلَحَةِ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، وَدَفْعَ الْمُفْسِدَةِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مَا يَعْرِضُ مِنَ الضَّرَرِ بِسَبَبِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ، فَنَحْنُ فِي تَصْحِيحِنَا لِلصَّلَاةِ جَمَعْنَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ:
تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِتَصْحِيحِهَا، وَدَفْعِ مَفْسَدَةِ الْغَصْبِ بِتَأْثِيمِ فَاعِلِهِ، وَالْخَصْمُ بِإِبْطَالِ الصَّلَاةِ أَلْغَى تَحْصِيلَ مَصْلَحَتِهَا، فَكَانَ مَا اخْتَرْنَاهُ أَوْلَى.
وَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: كَمَا أَنَّ دَفْعَ الْمُفْسِدَةِ مَقْصُودٌ لِمَا يَعْرِضُ مِنْهَا مِنَ الضَّرَرِ كَذَلِكَ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ مَقْصُودٌ لِمَا يَعْرِضُ مِنْهُ مِنَ النَّفْعِ، فَكِلَاهُمَا مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ، فَلَا تَكُونُ الْعِنَايَةُ بِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ أَرْجَحُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّا قَدْ قُلْنَا: إِنْ لَمْ تَكُنِ الْعِنَايَةُ بِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ أَشَدُّ فَلَا أَقَلَّ مِنَ التَّسَاوِي، وَإِذَا تَسَاوَيَا كَانَ تَعْيِينُ دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْغَصْبِ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute