للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي النَّهْيِ لِلصَّلَاةِ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ تَعَرَّضَ لَهَا فِيهِ بِأَنْ قَالَ: لَا تُصَلِّ فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ، أَوْ لَا تَلْبَسِ الْحَرِيرَ فِي الصَّلَاةِ، إِذْ يَصِيرُ النَّهْيُ رَاجِعًا إِلَى ذَاتِ الصَّلَاةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَإِلَى شَرْطِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَكِلَاهُمَا مُبْطِلٌ.

وَقَدْ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْغَصْبِ وَالْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَلْبُوسَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، بِنَاءً عَلَى مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِيهِ دِرْهَمٌ حَرَامٌ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَعَلَّلَ بِالْحُرْمَةِ فِي ثَمَنِ الثَّوْبِ، فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ لِذَلِكَ.

وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي صَلَاةِ مَنْ فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، لِأَنَّهُ ارْتِكَابٌ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ رُجُوعِ النَّهْيِ إِلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالْأَشْبَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَا اخْتَرْنَاهُ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ، وَبَعْضُهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ بَعْضٍ.

وَالرَّاجِعُ إِلَى وَصْفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَقَطْ، نَحْوُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الْبَقَرَةِ: ٤٣] ، مَعَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النِّسَاءِ: ٤٣] ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ، وَكَالنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ السَّبْعَةِ وَأَوْقَاتِ النَّهْيِ الْخَمْسَةِ، وَكَإِحْلَالِ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [الْبَقَرَةِ: ٢٧٥] ، مَعَ النَّهْيِ عَنِ الرِّبَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} [آلِ عِمْرَانَ: ١٣٠] ، {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٧٨] ، فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِمَا سَيَأْتِي فِي الدَّلِيلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>