وَرُدَّ، بِأَنَّ مَنْعَ التَّصَرُّفِ فِي مُلْكِ الْغَيْرِ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ، وَالْكَلَامُ قَبْلَهُ، ثُمَّ الْمَنْعُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ، وَالِاحْتِيَاطُ مَعَارِضٌ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَلَى سِمَاطِ الْمَلِكِ يُعَدُّ مُبَخِّلًا لَهُ، مُفْتَاتًا مُتَكَبِّرًا عَلَيْهِ، فَالْإِقْدَامُ أَحْوَطُ، أَوْ مُسَاوٍ، فَلَا تَرْجِيحَ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَرُدَّ» ، يَعْنِي: احْتِجَاجَ الْحَاظِرِ بِمَا ذَكَرَهُ.
أَمَّا الْحُجَّةُ الْأُولَى: فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قِيَاسِ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ، أَيْ: قِيَاسِ أَحْكَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى أَحْكَامِ الْخَلْقِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ مَنْعَ التَّصَرُّفِ فِي مُلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فِيمَا بَيْنَ الْخَلْقِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالشَّرْعِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا قَبْلَ الشَّرْعِ، وَشَرْطُ صِحَّةِ الْقِيَاسِ اتِّحَادُ بَابِ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَإِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ مَنْعَ التَّصَرُّفِ فِيمَا بَيْنَ الْخَلْقِ عَقْلِيٌّ مَنَعْنَاهُ، إِذْ لَا مَدْرَكَ لِلْأَحْكَامِ عِنْدَنَا إِلَّا الشَّرْعُ، وَالْعَقْلُ عَنْ ذَلِكَ بِمَعْزِلٍ، وَإِنْ سَلَّمْتُمْ أَنَّهُ شَرْعِيٌّ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ مَا قَبْلَ الشَّرْعِ عَقْلِيٌّ عِنْدَكُمْ، وَمَا بَعْدَهُ شَرْعِيٌّ، فَاخْتَلَفَ الْبَابَانِ، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَاسُ مَثَلًا عَقْلِيٌّ عَلَى عَقْلِيٍّ، أَوْ شَرْعِيٌّ عَلَى شَرْعِيٍّ، أَوْ عَادِيٌّ عَلَى عَادِيٍّ، أَمَّا قِيَاسُ بَعْضِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ عَلَى بَعْضٍ فَلَا يَصِحُّ.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْمَنْعُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ» هَذَا جَوَابٌ آخَرُ عَنِ الْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْفَرْقِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مُلْكِ الْغَيْرِ إِنَّمَا يُنَاسِبُ وَيَتَحَقَّقُ مُقْتَضِيهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ يَتَضَرَّرُ بِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الشَّاهِدِ دُونَ الْغَائِبِ، فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute