للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاقِفُ: الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ مِنَ الشَّرْعِ، فَلَا حُكْمَ قَبْلَهُ، وَالْعَقْلُ مُعَرِّفٌ لَا حَاكِمٌ.

ــ

قَوْلُهُ: «الْوَاقِفُ» أَيْ: حُجَّةُ الْوَاقِفِ عَلَى تَوَقُّفِهِ عَنِ الْجَزْمِ بِإِبَاحَةٍ أَوْ حَظْرٍ، هُوَ أَنَّ «الْحَظْرَ وَالْإِبَاحَةَ مِنَ الشَّرْعِ فَلَا حُكْمَ قَبْلَهُ» .

أَمَّا أَنَّ الْحَظْرَ وَالْإِبَاحَةَ مِنَ الشَّرْعِ، فَلِأَنَّ مَعْنَى الْحَظْرِ قَوْلُ الشَّارِعِ: حَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ هَذَا، أَوْ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ، وَمَعْنَى الْإِبَاحَةِ قَوْلُهُ: أَبَحْتُ لَكُمْ هَذَا، أَوْ أَنْتُمْ مُخَيَّرُونَ فِي فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي تَعْرِيفِ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَهُ، فَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قَبْلَ الشَّرْعِ، وَبِالضَّرُورَةِ إِذْ لَا حَاكِمَ، فَلَا حُكْمَ، وَإِذْ لَا قَائِلَ، فَلَا قَوْلَ.

قَوْلُهُ: «وَالْعَقْلُ مُعَرِّفٌ لَا حَاكِمٌ» ، هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَظْرَ وَالْإِبَاحَةَ لَا يَكُونَانِ إِلَّا مِنَ الشَّرْعِ، بَلْ قَدْ جَازَ أَنْ يَصْدُرَا عَنِ الْعَقْلِ قَبْلَ الشَّرْعِ كَمَا تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ.

فَأَجَبْتُ: بِأَنَّ هَذَا بِنَاءٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ قَبْلَ الشَّرْعِ حَاكِمٌ، وَنَحْنُ نَمْنَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>