للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَعْنَى قَوْلِهِ: «كَالْإِحْصَانِ وَالْحَوَلِ يَنْتَفِي الرَّجْمُ وَالزَّكَاةُ لِانْتِفَائِهِمَا» .

وَالسَّبَبُ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ الْكَامِلَةُ أَوِ الْعِلَّةُ بِدُونِ شَرْطِهَا، يَنْتَفِي الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ مَعْلُولُهَا بِانْتِفَائِهَا، أَوْ بِانْتِفَاءِ جُزْءٍ مِنْهَا، كَانْتِفَاءِ الْبَيْعِ لِانْتِفَاءِ الْعَقْدِ وَالْمُتَعَاقِدَيْنِ وَشُرُوطِ الصِّحَّةِ وَانْتِفَاءِ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانْتِفَاءِ الْحَدِّ وَالزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ الزِّنَى وَالنِّصَابِ.

وَلَمَّا كَانَ قَوْلُنَا: مَا لَزِمَ مِنِ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ أَمْرٍ يَتَنَاوَلُ السَّبَبَ أَيْضًا؛ فَيَكُونُ الْحَدُّ غَيْرَ مَانِعٍ قَالَ: «عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ» لِيَخْرُجَ السَّبَبُ وَجُزْؤُهُ. وَثَمَّ تَحْقِيقٌ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ وَالشَّرْطِ، وَجُزْئِهِمَا يُذْكَرُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ عَقْلِيٌّ» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَالشَّرْطُ عَلَى أَضْرُبٍ: عَقْلِيٌّ وَلُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ.

فَالْعَقْلِيُّ: «كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ» ، فَإِنَّهَا شَرْطٌ لَهُ، إِذْ لَا يَعْقِلُ عَالِمٌ إِلَّا وَهُوَ حَيٌّ، فَالْحَيَاةُ يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَائِهَا انْتِفَاءُ الْعِلْمِ، إِذِ الْجِسْمُ بِدُونِهَا جَمَادٌ، وَقِيَامُ الْعِلْمِ بِالْجَمَادِ مُحَالٌ. نَعَمْ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الْعِلْمِ انْتِفَاءُ الْحَيَاةِ، كَمَا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ لِلْمَشْرُوطِ، وَالْقَاعِدَةُ الْعَقْلِيَّةُ أَنَّ الْمَلْزُومَ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ لَازِمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ انْتِفَاءُ اللَّازِمِ لِانْتِفَاءِ مَلْزُومِهِ، لَكِنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدْلَالٌ عَلَى الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، إِذْ لِلسَّائِلِ أَنْ يَقُولَ: وَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ لِلْمَشْرُوطِ؟ فَإِنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُكُمْ: الشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ مَشْرُوطِهِ، كَمَا يُقَالُ: اللَّازِمُ مَا يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا شَرْطًا عَقْلِيًّا، لِأَنَّ الْعَقْلَ أَدْرَكَ لُزُومَهُ لِمَشْرُوطِهِ، وَعَدَمَ تَصَوُّرِ انْفِكَاكِهِ عَنْهُ، كَمَا أَدْرَكَ لُزُومَ الْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>