وَأَسْأَلُكَ التَّسْدِيدَ فِي تَأْلِيفِ كِتَابٍ فِي الْأُصُولِ. حَجْمُهُ يَقْصُرُ وَعِلْمُهُ يَطُولُ. مُتَضَمِّنٌ مَا فِي الرَّوْضَةِ الْقُدَامِيَّةِ، الصَّادِرَةِ عَنِ الصِّنَاعَةِ الْمَقْدِسِيَّةِ. غَيْرَ خَالٍ مِنْ فَوَائِدَ زَوَائِدَ، وَشَوَارِدَ فَرَائِدَ، فِي الْمَتْنِ وَالدَّلِيلِ، وَالْخِلَافِ وَالتَّعْلِيلِ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَأَسْأَلُكَ التَّسْدِيدَ» هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: «أَحْمَدُكَ» ، أَيْ أَحْمَدُكَ وَأَسْأَلُكَ التَّسْدِيدَ، وَهُوَ التَّوْفِيقُ لِلسَّدَادِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمِنْهُ تَسْدِيدُ السَّهْمِ إِلَى الْغَرَضِ، أَيْ: تَصْوِيبُهُ، وَأَصْلُهُ مِنَ السَّدَادِ وَالسَّدَدِ وَهُوَ الِاسْتِقَامَةُ. وَالسَّهْمُ وَالرُّمْحُ الْمُسَدَّدُ: الْمُقَوَّمُ، وَرَأْيٌ سَدِيدٌ: صَائِبٌ مُسْتَقِيمٌ.
قَوْلُهُ: «فِي تَأْلِيفِ كِتَابٍ فِي الْأُصُولِ» التَّأْلِيفُ: تَفْعِيلُ مِنْ أَلِفَ الشَّيْءُ الشَّيْءَ، وَالطَّائِرُ الْوَكْرَ، إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا، وَتَأْلِيفُ الْكِتَابِ: ضَمُّ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ حُرُوفًا وَكَلِمَاتٍ وَأَحْكَامًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْزَاءِ، وَالْكِتَابُ: فِعَالُ مِنَ الْكَتْبِ، وَهُوَ الْجَمْعُ، يُقَالُ: كَتَبْتَ الْقِرْبَةَ: إِذَا خَرَزْتَهَا، وَالْكُتْبَةُ - بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ التَّاءِ: الْخَرَزَةُ، وَكَتَبْتُ الْبَغْلَةَ: جَمَعْتُ بَيْنَ شُفْرَيْهَا بِحَلْقَةٍ، وَكَتَبْتُ النَّاقَةَ: صَرَرْتُهَا، وَتَكَتَّبَتِ الْخَيْلُ: تَجَمَّعَتْ، وَالْكَتِيبَةُ: جَمَاعَةُ الْخَيْلِ.
وَالْأُصُولُ: جَمْعُ أَصْلٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «حَجْمُهُ» أَيْ حَجْمُ الْكِتَابِ الْمُؤَلَّفِ «يَقْصُرُ» ، أَيْ: يَقِلُّ وَيَسْهُلُ، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ فِيهِ لَفْظَ الْقِصَرِ مُقَابَلَةً لِقَوْلِهِ: «وَعِلْمُهُ يَطُولُ» فَإِنَّ الطِّبَاقَ يُحَسِّنُ الْكَلَامَ، وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ، وَحَجْمُ الشَّيْءِ: نُتُوُّهُ، يُقَالُ: لِمَرْفَقِهِ حَجْمٌ، أَيْ: نُتُوٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ مِنَ الْكِتَابِ ثَخَانَتُهُ، وَهُوَ بُعْدُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ سِوَارَيْهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute