للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْجِهَتَيْنِ يَقِينًا.

أَمَّا مِنْ جِهَةِ الرُّخْصَةِ: فَمِنْ حَيْثُ يَسَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَسَهَّلَ عَلَيْهِ، وَسَامَحَهُ فِي أَدَاءِ الْعِبَادَةِ مَعَ الْحَدَثِ الْمَانِعِ، وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمَاءِ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَشُقُّ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ إِذَا صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَحَيْثُ سَامَحَهُ فِي اسْتِبْقَاءِ نَفْسِهِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ الصَّبْرِ عَنْهَا حَتَّى يَمُوتَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْمَائِدَةِ: ٣] ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ إِبَاحَةَ الْمُحَرَّمِ فِي الْمَخْمَصَةِ رَحْمَةٌ مِنْهُ لَهُمْ.

وَأَمَّا جِهَةُ الْعَزِيمَةِ: فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ - أَعْنِي التَّيَمُّمَ - شَرْطٌ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَشَرْطُ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ عَزِيمَةٌ، فَالتَّيَمُّمُ عَزِيمَةٌ، وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَسِيلَةٌ إِلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْوَاجِبِ فِي النَّفْسِ، وَوَسِيلَةُ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ، فَأَكْلُ الْمَيْتَةِ فِي الْمَخْمَصَةِ إِذَا خِيفَ عَلَى النَّفْسِ بِدُونِهِ وَاجِبٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَالنَّفْسُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقَّانِ: حَقُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَحَقُّ الْمُكَلَّفِ. فَكُلُّ تَخْفِيفٍ تَعَلَّقَ بِالْحَقَّيْنِ، فَهُوَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَزِيمَةٌ، وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى حَقِّ الْمُكَلَّفِ رُخْصَةٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>