. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ وَابْنِ فُورَكٍ وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِمَا.
«وَقِيلَ» : هِيَ «اصْطِلَاحِيَّةٌ» أَيْ: عُرِفَتْ بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي هَاشِمٍ وَأَتْبَاعِهِ.
«وَقِيلَ: مُرَكَّبَةٌ مِنَ الْقِسْمَيْنِ» : التَّوْقِيفِ وَالِاصْطِلَاحِ، أَيْ: بَعْضُهَا حَصَلَ بِالتَّوْقِيفِ، وَبَعْضُهَا بِالِاصْطِلَاحِ.
ثُمَّ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ابْتِدَاءَ اللُّغَاتِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ ضَرُورَةُ التَّفَاهُمِ أَوَّلًا وَقَعَ بِالِاصْطِلَاحِ، وَالْبَاقِي يَحْتَمِلُ التَّوْقِيفَ وَالِاصْطِلَاحَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْقَدْرَ الضَّرُورِيَّ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الِاصْطِلَاحُ تَوْقِيفِيٌّ، وَالْبَاقِي اصْطِلَاحِيٌّ، وَهَذَا قَوْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ.
قَوْلُهُ: «وَالْكُلُّ مُمْكِنٌ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقَطْعِ بِأَحَدِهَا» .
أَيْ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُمْكِنَةٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْقَطْعِ بِوَاحِدٍ مِنْهَا، إِذْ لَيْسَ فِيهَا قَاطِعٌ نَقْلِيٌّ أَنَّهَا تَوْقِيفٌ أَوِ اصْطِلَاحٌ، أَوْ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا، وَالْعَقْلُ لَا مَجَالَ لَهُ فِي اللُّغَاتِ لِيَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا بِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْعَقْلِ وَنَظَرَهُ إِنَّمَا يَقْصُرُ عَنْ وَضْعِ اللُّغَاتِ وَتَخْصِيصِ أَسْمَائِهَا بِمُسَمَّيَاتِهَا. أَمَّا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى وَاضِعِهَا، وَكَيْفِيَّةِ ابْتِدَائِهَا، فَهُوَ أَمْرٌ نَظَرِيٌّ لَا يَقْصُرُ الْعَقْلُ عَنْهُ، وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِالنَّظَرِ الْعَقْلِيِّ، أَوِ الْمُرَكَّبِ مِنْهُ وَمِنَ النَّقْلِ، نَعَمْ إِدْرَاكُهُ لِلْحُكْمِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ ضَرُورِيًّا، فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْصُلِ الْقَطْعُ مِنْهُ.
أَمَّا دَلِيلُ إِمْكَانِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَجُمْهُورِ الْمُحَقِّقِينَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute