قَالُوا: إِنْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْجَامِعَ التَّخْمِيرُ، فَالنَّبِيذُ خَمْرٌ بِالْوَضْعِ، وَإِلَّا فَإِلْحَاقُ مَا لَيْسَ مِنْ لُغَتِهِمْ بِهَا.
قُلْنَا: لَيْسَ النَّصُّ مِنْ شُرُوطِ الْجَامِعِ، بَلْ يَثْبُتُ بِالِاسْتِقْرَاءِ.
قَالُوا: سَمَّوُا الْفَرَسَ أَدْهَمَ لِسَوَادِهِ، وَكُمَيْتًا لِحُمْرَتِهِ، وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمَا غَيْرُهُمَا.
قُلْنَا: مَوْضُوعٌ لِلْجِنْسِ وَالصِّفَةِ، فَالْعِلَّةُ ذَاتُ وَصْفَيْنِ، فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ فِي الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ.
قَالُوا: الشَّرْعِيُّ يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا إِجْمَاعَ هُنَا.
ــ
قَوْلُهُ: «قَالُوا: إِنْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْجَامِعَ التَّخْمِيرُ» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا دَلِيلُ نُفَاةِ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْمَاءِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْعَرَبَ فِي تَسْمِيَتِهِمْ لِلْخَمْرِ لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونُوا نَصُّوا عَلَى أَنَّ التَّخْمِيرَ هُوَ عِلَّةُ تَسْمِيَتِهِمْ لَهَا خَمْرًا أَوْ لَمْ يَنُصُّوا، فَإِنْ نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ، فَالنَّبِيذُ خَمْرٌ بِالْوَضْعِ لَا بِالْقِيَاسِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ فِي لُغَتِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَائِعٍ قَامَ بِهِ التَّخْمِيرُ، فَهُوَ خَمْرٌ، فَإِذَا رَأَيْنَا النَّبِيذَ مَائِعًا قَامَ بِهِ التَّخْمِيرُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَمْرًا بِنَصِّ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى جِنْسِهِ وَوَضْعِهِمْ لَهُ، كَمَا إِذَا قَالُوا: كُلُّ ذَكَرٍ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَهُوَ رَجُلٌ، وَكُلُّ أُنْثَى مِنْهُمْ، فَهِيَ امْرَأَةٌ، فَيُقَالُ: هَذَا الشَّخْصُ ذَكَرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ أَوْ أُنْثَى، فَهُوَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِالْوَضْعِ لَا بِالْقِيَاسِ. وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّ عِلَّةَ تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ التَّخْمِيرُ، كَانَ تَسْمِيَتُنَا لِلنَّبِيذِ خَمْرًا خَارِجًا عَنْ لُغَتِهِمْ، وَإِلْحَاقًا لِمَا لَيْسَ مِنْهَا بِهَا فَقَدْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الَّتِي ادَّعَيْتُمْ إِثْبَاتَهَا بِالْقِيَاسِ إِمَّا وَضْعِيَّةٌ أَوْ خَارِجَةٌ عَنِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ الْقِيَاسُ فِي الْأَسْمَاءِ، إِمَّا لِلْخُرُوجِ عَنِ اللُّغَةِ، أَوْ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ الْقِيَاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute