. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، يَعْنِي قَوْلَ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، «إِثْبَاتٌ، فَيُقَدَّمُ» .
هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ قَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ فِيهَا، فَقَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ غَيْرُ هَؤُلَاءِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ، فَلِمَ كَانَ قَوْلُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأُخْرَى؟
وَالْجَوَابُ بِمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِينَ نَصُّوا عَلَى الْجَوَازِ مُثْبِتُونَ، وَالَّذِينَ نَصُّوا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ نَافُونَ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ، كَانَ الْإِثْبَاتُ مُقَدَّمًا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَابِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، بَلْ خَطَرَ لِيَ الْآنَ، فَذَكَرْتُهُ: وَهُوَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقِيَاسَ اللُّغَوِيَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الشَّرْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، بَلْ هَذَا شَأْنُ الْقِيَاسِ، وَهُوَ إِلْحَاقُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ، لَبَطَلَ الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ مِنْ أَصْلِهِ، لِأَنَّ مَحَالَّ الْوِفَاقِ لَا حَاجَةَ فِيهَا إِلَى الْقِيَاسِ، وَمَحَالَّ الْخِلَافِ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى مَحَلِّ الْوِفَاقِ، فَيَبْطُلُ الْقِيَاسُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ اللَّائِطَ يُحَدُّ قِيَاسًا عَلَى الزَّانِي بِجَامِعِ الْإِيلَاجِ الْمُحَرَّمِ، وَشَارِبَ النَّبِيذِ يُحَدُّ قِيَاسًا عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ بِجَامِعِ السُّكْرِ وَالتَّخْمِيرِ، وَنَبَّاشَ الْقُبُورِ يُحَدُّ قِيَاسًا عَلَى سَارِقِ أَمْوَالِ الْأَحْيَاءِ بِجَامِعِ أَخْذِ الْمَالِ فِي خُفْيَةٍ عِنْدَنَا، وَلَا حَدَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute