للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْعَذِرَةِ، وَالرَّاوِيَةِ، وَحَقِيقَتُهَا: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ، وَفِنَاءُ الدَّارِ، وَالْجَمَلُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ. وَهُوَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ.

وَقَوْلُنَا: «وَالْجَمَلُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ» ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُخْتَصًّا بِتَسْمِيَتِهِ رَاوِيَةً، بَلْ هُوَ ضَرْبُ مِثَالٍ بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مُسَمَّى الرَّاوِيَةِ، وَإِلَّا فَاللُّغَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنَّ الْجَمَلَ وَالْبَغْلَ وَالْحِمَارَ إِذَا اسْتُقِيَ عَلَيْهِ سُمِّيَ رَاوِيَةً.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَوْضُوعِ الْأَوَّلِ» ، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَهَذَا اللَّفْظُ الْعُرْفِيُّ هُوَ مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَضْعِيِّ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ الْأَوَّلُ، وَحَقِيقَةٌ فِيمَا خُصَّ بِهِ فِي الْعُرْفِ لِاشْتِهَارِهِ فِيهِ.

أَمَّا أَنَّ هَذَا الْعُرْفِيَّ مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَضْعِيِّ، فَلِوُجُودِ حَدِّ الْمَجَازِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، فَإِنَّا قَدْ عَرَّفْنَا الْمَجَازَ فِيمَا بَعْدُ بِأَنَّهُ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ الْأَوَّلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْعُرْفِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَضْعِيَّةِ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْغَائِطَ فِي الْوَضْعِ هُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ، فَاسْتِعْمَالُهُ فِي عَذِرَةِ الْإِنْسَانِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ الرَّاوِيَةُ هِيَ فِي الْوَضْعِ: اسْمٌ لِلدَّابَّةِ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا الْمَاءُ، فَاسْتِعْمَالُهَا فِي وِعَاءِ الْمَاءِ اسْتِعْمَالٌ لَهَا فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهَا الْأَوَّلِ، وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الْعَذِرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى فِنَاءِ الدَّارِ، كَمَا يَذْكُرُهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي كُتُبِهِمْ.

أَعْنِي: مِنْ أَنَّ الْعَذِرَةَ فِي وَضْعِ اللُّغَةِ فِنَاءُ الدَّارِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ عُرْفًا فِي الْغَائِطِ الْمُسْتَقْذَرِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ عَكْسُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>