للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: فُهِمَ مَقْصُودُهُ بِالْقَرَائِنِ وَالتَّكْرِيرِ، فَلَا ضَرُورَةَ إِلَى التَّوْقِيفِ. ثُمَّ هِيَ اجْتِهَادِيَّةٌ، فَلَعَلَّهُ قَصَدَ إِيصَالَ ثَوَابِ الِاجْتِهَادِ لِأَهْلِهِ. ثُمَّ يَبْطُلُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ.

ــ

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: فُهِمَ مَقْصُودُهُ بِالْقَرَائِنِ وَالتَّكْرِيرِ، فَلَا ضَرُورَةَ إِلَى التَّوْقِيفِ» .

تَقْرِيرُ هَذَا الْجَوَابِ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ انْحِصَارَ طَرِيقِ تَعْرِيفِ الْأُمَّةِ بِوَضْعِ هَذِهِ الْحَقَائِقِ فِيمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ، حَتَّى يَنْتَفِيَ التَّعْرِيفُ بِانْتِفَائِهَا، بَلْ ثَمَّ طَرِيقٌ آخَرُ، وَهُوَ فَهْمُ الْأُمَّةِ مَقْصُودَهُ، بِتَكْرِيرِ اسْتِعْمَالِهِ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَتَضَافُرُ الْقَرَائِنِ الْمُخْتَصَّةِ بِاسْتِعْمَالِهِ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي عَلَى أَنَّهُ وَضَعَهَا لَهَا. وَهَذَا كَمَا يَفْهَمُ الْأَطْفَالُ لُغَةَ آبَائِهِمْ بِالتَّكْرَارِ وَالْقَرَائِنِ، لَا بِالْعَقْلِ وَلَا بِالنَّقْلِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ عَرَّفَهُمْ بِالْوَضْعِ الْمَذْكُورِ، فَلَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ فِي الْمُلَازَمَةِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ إِنَّ أَصْلَ حُجَّةِ الْخَصْمِ مَبْنِيٌّ عَلَى امْتِنَاعِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ هِيَ اجْتِهَادِيَّةٌ» ، إِلَى آخِرِهِ.

هَذَا مَنْعٌ عَلَى الْمُلَازَمَةِ الَّتِي قَرَّرُوهَا.

وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّارِعَ لَوْ وَضَعَ الْأَسْمَاءَ الشَّرْعِيَّةَ، لَوَجَبَ أَنْ يُعَرِّفَ الْأُمَّةَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، فَلَعَلَّهُ - يَعْنِي الشَّارِعَ - يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَصَدَ بِعَدَمِ تَعْرِيفِهِمْ ذَلِكَ تَوَفُّرَ دَوَاعِي الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الْبَحْثِ فِيهَا، لِيَحْصُلَ لَهُمْ ثَوَابُ الِاجْتِهَادِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ وَالْقَطْعِيَّةِ: أَنَّ الِاجْتِهَادِيَّةَ يُكْتَفَى فِيهَا بِالِاعْتِقَادِ الظَّنِّيِّ، وَالْقَطْعِيَّاتِ يَجِبُ فِيهَا الِاعْتِقَادُ الْقَطْعِيُّ، وَالظَّنُّ وَالْقَطْعُ فِيهِمَا تَابِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>