للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِي قَوْلِهِمْ: هَاتِ الْكَيْسَ، وَالْمُرَادُ: الْمَالُ الَّذِي فِيهِ، لِأَنَّهُ حَالٌ فِي الْكَيْسِ، وَكَذَلِكَ تَسْمِيَةُ الْخَمْرِ كَأْسًا، أَوْ زُجَاجَةً، وَالطَّعَامَ مَائِدَةً أَوْ خِوَانًا، وَالْمَيِّتَ جِنَازَةً، وَالْمَكْتُوبَ وَرَقَةً وَكِتَابًا وَبِطَاقَةً، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ حَالَةٌ فِي الْمَحَالِّ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ.

قَوْلُهُ: «وَبِالْعَكْسِ فِيهِمْ» ، أَيْ: عَكْسِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ فَهِيَ خَمْسَةٌ أُخْرَى:

أَوَّلُهَا: - وَهُوَ الْقِسْمُ السَّادِسُ -: التَّجَوُّزُ بِلَفْظِ الْمُسَبَّبِ عَنِ السَّبَبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٨] ، أَيْ: لَا تَأْخُذُوهَا، فَتَجُوزُ بِالْأَكْلِ عَنِ الْأَخْذِ، لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنِ الْأَخْذِ، إِذْ إِنْسَانٌ يَأْخُذُ فَيَأْكُلُ.

الْقِسْمُ السَّابِعُ: التَّجَوُّزُ بِلَفْظِ الْمَعْلُولِ عَنِ الْعِلَّةِ، كَالتَّجَوُّزِ بِلَفْظِ الْمُرَادِ عَنِ الْإِرَادَةِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [مَرْيَمَ: ٣٥] ، أَيْ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ، فَالْقَضَاءُ مَعْلُولُ الْإِرَادَةِ، فَتَجَوَّزَ بِهِ عَنْهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ} [الْمَائِدَةِ: ٤٢] ، أَيْ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَحْكُمَ.

الْقِسْمُ الثَّامِنُ: التَّجَوُّزُ بِالْمَلْزُومِ عَنِ اللَّازِمِ، كَتَسْمِيَةِ الْعِلْمِ حَيَاةً، لِأَنَّهُ مَلْزُومُ الْحَيَاةِ، إِذِ الْحَيَاةُ شَرْطٌ لِلْعِلْمِ، وَالْمَشْرُوطُ مَلْزُومٌ لِلشَّرْطِ، وَكَذَلِكَ التَّجَوُّزُ بِكُلِّ مَشْرُوطٍ عَنْ شَرْطِهِ، هُوَ تَجَوُّزٌ بِالْمَلْزُومِ عَنْ لَازِمِهِ، وَكَتَسْمِيَةِ الْجِدَارِ سَقْفًا، وَالْحَيَوَانِ إِنْسَانًا لَوْ سُمِّيَ بِهِ.

الْقِسْمُ التَّاسِعُ: التَّجَوُّزُ بِلَفْظِ الْمُؤَثِّرِ عَنِ الْأَثَرِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: رَأَيْتُ اللَّهَ، وَمَا أَرَى فِي الْوُجُودِ إِلَّا اللَّهَ، يُرِيدُ آثَارَهُ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ فِي الْعَالَمِ، وَكَقَوْلِهِمْ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَغَيْرِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>