. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثُمَّ إِنِّي نَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ لَا ظُهُورَ لَهُ مَعَ اشْتِرَاطِنَا لِلْمَجَازِ ظُهُورَ الْعِلَاقَةِ، سَوَاءٌ كُنَّا مُسْتَدِلِّينَ بِهِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِنَا، أَوْ مُسْتَعْمِلِينَ لَهُ مِنْ كَلَامِنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّا إِذَا اشْتَرَطْنَا أَنْ تَكُونَ الْعِلَاقَةُ فِي الْمَجَازِ ظَاهِرَةً، لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَاقَةُ ظَاهِرَةً فِي كُلِّ مَجَازٍ، وَإِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً، بَادَرَ الذِّهْنُ إِلَيْهَا فِي مَجَازِ الِاسْتِدْلَالِ وَالِاسْتِعْمَالِ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ خَطَأٌ وَلَا مُحَالٌ، حَتَّى لَوْ رَأَيْنَا مُتَجَوِّزًا بِعِلَاقَةٍ خَفِيَّةٍ، مِثْلَ إِنْ أُطْلِقَ لَفْظُ الْأَسَدِ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ أَبْخَرُ، أَوْ لَفْظُ الْحِمَارِ، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ طَوِيلُ الْآذَانِ، أَوْ مَرْقُومُ الذِّرَاعِ، أَوْ مُنْكَرُ الصَّوْتِ، يُشْبِهُ صَوْتُهُ نُهَاقَ الْحِمَارِ، لَمْ يَعُدْ ذَلِكَ كَلَامًا، لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَلَوْ خَفِيَ عَنَّا مُرَادُ هَذَا الْمُتَكَلِّمِ، حَتَّى حَمَلْنَا نَحْنُ كَلَامَهُ عَلَى الْمَجَازِ الْمَشْهُورِ، فَأَخْطَأْنَا مَا أَرَادَهُ، كَانَتْ عُهْدَةُ الْخَطَأِ عَلَيْهِ لَا عَلَيْنَا، حَيْثُ غَرَّنَا بِإِطْلَاقِ لَفْظٍ، أَرَادَ خِلَافَ الظَّاهِرِ الْمُتَعَارَفِ مِنْهُ.
بَقِيَ هَاهُنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْعِلَاقَةَ - الَّتِي هِيَ الصِّفَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ - قَدْ تَكُونُ مُتَعَدِّدَةً وَمُتَسَاوِيَةً، كَمَا يُقَالُ لِلْفَارِسِ الْمُلَبَّسِ الْعَظِيمِ الْجُثَّةِ فِي الْحَرْبِ: جَبَلٌ، وَلِلشَّابِّ الْمَلِيحِ الْقَوَامِ: رُمْحٌ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَارِسُ شُبِّهَ بِالْجَبَلِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِ السِّلَاحِ فِيهِ، كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْجَبَلِ، أَوْ لِعِظَمِ جُرْمِهِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute