للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِلَى الْفَمِ، فَإِذَا وَصَلَ ذَلِكَ الْهَوَاءُ إِلَى الْأَمَاكِنِ الْمَخْصُوصَةِ مِنَ الْفَمِ وَالْحَلْقِ، الْمُسَمَّاةِ بِمَخَارِجِ الْحُرُوفِ، يُقَطَّعُ عِنْدَهَا تَقْطِيعًا مَخْصُوصًا، لِأَنَّهَا تَمْنَعُهُ عَنْ خُرُوجِهِ عَلَى اسْتِقَامَتِهِ، فَتَظْهَرُ الْحُرُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ التَّقْطِيعِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: الْأَلِفُ حَرْفٌ هَوَائِيٌّ لَا مَخْرَجَ لَهُ، لِأَنَّ النَّفَسَ يَخْرُجُ بِهَا مُسْتَقِيمًا لَا عَائِقَ لَهُ، بِخِلَافِ الْحَاءِ وَالْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ، فَإِنَّ الْعَائِقَ يَعْرِضُ لِلنَّفَسِ فِي الْحَلْقِ، فَتَظْهَرُ هَذِهِ الْحُرُوفُ، وَالْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ وَالْفَاءُ يَعْرِضُ الْعَائِقُ لِلنَّفَسِ فِيهَا فِي الشَّفَتَيْنِ فَتَظْهَرُ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ: الشَّفَوِيَّةَ، وَالْأُولَى: الْحُرُوفَ الْحَلْقِيَّةَ.

وَقَوْلُنَا: «اللَّفْظُ صَوْتٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى مَخْرَجٍ مِنْ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ» ، ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ صَوْتٍ اعْتَمَدَ عَلَى مَخْرَجٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَخَارِجِ يَكُونُ لَفْظًا، وَهُوَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ حُرُوفَ الْهِجَاءِ الْمُفْرَدَةِ، نَحْوَ: ب ت ث، وَنَحْوَهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا تَرَكَّبَ مِنْهَا مِنِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ حَرْفٍ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَامَ فِي الدَّارِ، لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْمَخْرَجِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْمَخْرَجِ الْوَاحِدِ وَجَمِيعِ الْمَخَارِجِ، وَهُوَ بَعْضُ الْمَخَارِجِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ هَكَذَا: اللَّفْظُ صَوْتٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى بَعْضِ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ، فَهُوَ أَجْوَدُ وَأَبْيَنُ.

قَوْلُهُ: «وَالْكَلِمَةُ لَفْظٌ وُضِعَ لِمَعْنًى مُفْرَدٍ» .

هَذَا حَدُّ الْكَلِمَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَخَطَرَ لِي أَنَّ قَوْلَهُ: لَفْظٌ وُضِعَ لِمَعْنًى، يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ اخْتِصَاصَهُ بِالْكَلِمَاتِ الَّتِي هِيَ حَقَائِقُ وَضْعِيَّةٌ، كَالْأَسَدِ فِي السَّبُعِ، لِأَنَّهُ وُضِعَ لَهُ دُونَ الْكَلِمِ الْمَجَازِيَّةِ، كَالْأَسَدِ لِلشُّجَاعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لَهُ، فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: أَنْ لَا يَكُونَ كَلِمَةً، وَهُوَ كَلِمَةٌ بِلَا خِلَافٍ، فَلِذَلِكَ قُلْتُ: «وَالْأَجْوَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>