للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: " قَالُوا: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَذْهَبٌ " إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْخَصْمِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ دَوَرَانَهُ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالْخَبَرِ لَيْسَ حَاصِرًا، بَلْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبًا لِلنَّاقِلِ، وَمَذْهَبُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ; فَقَدْ دَارَ مَا نَقَلَهُ بَيْنَ مَا هُوَ حُجَّةٌ، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَمَعَ التَّرَدُّدِ فِي جَوَازِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ لَا يَكُونُ حُجَّةً، اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ فِيهِ، وَهُوَ عَدَمُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ بِتَقْدِيرِ النَّاقِلِ لَهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ، يَكُونُ خَطَأً مِنْهُ عَلَى الرَّسُولِ، أَوْ خَطَأً مِنْهُ مُطْلَقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُ الْوَحْيِ إِلَى جَمَاعَةٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ التَّبْلِيغِ بِتَبْلِيغِ الْوَاحِدِ، وَحِينَئِذٍ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ هَذَا النَّاقِلَ أَخْطَأَ عَلَى الرَّسُولِ فِي نَقْلِهِ الْآحَادَ عَلَى أَنَّهَا قُرْآنٌ ; لِأَنَّهُ نَسَبَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: " قُلْنَا: نِسْبَةُ الصَّحَابِيِّ رَأْيَهُ "، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا جَوَابٌ عَنِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْخَصْمُ.

وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ كَوْنَ الصَّحَابِيِّ يَنْسِبُ رَأْيَ نَفْسِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذِبٌ مِنَ الصَّحَابِيِّ، وَافْتِرَاءٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ يَنْقُلُ عَنْهُ، وَيَقُولُ مَا لَمْ يُقِلْ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ نِسْبَتُهُ إِلَى الصَّحَابَةِ، مَعَ تَحَرِّيهِمْ فِي الصِّدْقِ عَلَيْهِ، هَذَا جَوَابُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلْخَصْمِ.

وَقَوْلُهُ: " وَالْخَطَأُ الْمَذْكُورُ إِنْ سُلِّمَ لَا يَضُرُّ "، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا الْجَوَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>