. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشُّورَى: ١١] ; فَأَثْبَتَ وَنَزَّهَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقَالَتِ الْمُؤَوِّلَةُ، وَهُمُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْأَشْعَرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: الْوَقْفُ التَّامُّ فِي الْآيَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، أَيْ: يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى ; فَأَثْبَتَ لَهُ تَأْوِيلًا، وَأَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ. وَإِذَا كَانَ لَهُ تَأْوِيلٌ مَعْلُومٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ، وَجَبَ أَنْ لَا يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمُوهِمِ لِلتَّشْبِيهِ، الْمُسْتَحِيلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِبَرَاهِينِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَمْلٌ لَهُ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْهُ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا: الْخِطَابُ بِمَا لَا يُفْهَمُ بَعِيدٌ هَذَا دَلِيلُ الْمُؤَوِّلَةِ.»
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ لَوِ اخْتُصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ دُونَ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَكَانَ خِطَابُهُ لِلنَّاسِ بِهِ خِطَابًا لَهُمْ بِمَا لَا يَفْهَمُونَهُ، وَالْخِطَابُ بِمَا لَا يُفْهَمُ بَعِيدٌ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ مُحَالًا ; لِأَنَّ فَائِدَةَ الْخِطَابِ الْإِفْهَامُ، فَإِذَا وَقَعَ الْخِطَابُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفْهَامُ، خَلَا عَنْ فَائِدَتِهِ الَّتِي وُضِعَ لَهَا ; فَيَكُونُ عَبَثًا، وَالْعَبَثُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا:» لَا بُعْدَ فِي تَعَبُّدِ الْمُكَلَّفِ بِالْعَمَلِ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَالْإِيمَانِ بِبَعْضٍ «» ، هَذَا جَوَابٌ عَنْ دَلِيلِهِمُ الْمَذْكُورِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ بَعْدَ مَا ذَكَّرْتُمُوهُ، إِذْ لَا بُعْدَ فِي أَنْ يَتَعَبَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِإِنْزَالِ كِتَابِهِ عَمَلًا وَإِيمَانًا، بِأَنْ يُنْزِلَهُ مُحْكَمًا يَتَعَبَّدُهُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ، وَمُتَشَابِهًا يَتَعَبَّدُهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ، تَسْوِيَةً بَيْنَ الْأَبْدَانِ وَالنُّفُوسِ فِي التَّعَبِ وَالتَّكْلِيفِ ; لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إِلْزَامُ مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ كَمَا سَبَقَ ; فَالْمَشَقَّةُ عَلَى الْأَبْدَانِ بِمَا تُعَانِيهِ مِنْ حَرَكَاتِ التَّكْلِيفِ وَنَحْوِهَا، كَالصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالْجِهَادِ. وَمَشَقَّةِ النُّفُوسِ وَالْعُقُولِ بِمَا تُعَانِيهِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute