. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ.
قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، أَيْ: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ شِفَاهًا، أَوْ بَلَغَهُ تَوَاتُرًا، وَمُوجِبٌ لِلْعَمَلِ، إِنْ بَلَغَهُ آحَادًا» .
قُلْتُ: مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مَعَ ظُهُورِهِ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا مِنْهُ لِغَيْرِهِ بِلَا وَاسِطَةٍ، أَوْ مَنْقُولًا إِلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الرُّوَاةِ.
فَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا مِنْهُ ; فَهُوَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ، كَالصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمِعُوا مِنْهُ الْأَحْكَامَ، لَا يُسَوَّغُ خِلَافُهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، إِلَّا بِنَسْخٍ أَوْ جَمْعٍ بَيْنَ مُتَعَارِضٍ بِالتَّأْوِيلِ، وَذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ لَا يُعَدُّ خِلَافًا.
وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا إِلَى الْغَيْرِ ; فَهُوَ إِمَّا تَوَاتُرٌ أَوْ آحَادٌ، فَإِنْ كَانَ تَوَاتُرًا ; فَهُوَ أَيْضًا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، كَالْمَسْمُوعِ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ; لِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ; فَصَارَ كَالْمَسْمُوعِ مِنْهُ شِفَاهًا فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ، غَيْرَ أَنَّ مَدْرَكَ الْعِلْمِ فِي الْمَسْمُوعِ الْحِسُّ، وَفِي التَّوَاتُرِ الْمُرَكَّبُ مِنَ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ، كَمَا سَبَقَ عِنْدَ ذِكْرِ مَدَارِكِ الْعِلْمِ.
وَإِنْ كَانَ آحَادًا ; فَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعَمَلِ، أَيْ: يَجِبُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ، لِمَا سَيَأْتِي فِي تَقْرِيرِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُنَا: عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ شِفَاهًا، أَيْ: مُشَافَهَةً، مُشْتَقًّا مِنَ الشَّفَةِ، أَيْ: يَسْمَعُهُ مِنْ فَمِهِ وَشَفَتَيْهِ، يُقَالُ: شَافَهْتُهُ مُشَافَهَةً وَشِفَاهًا، وَكَلَّمْتُهُ فُوهُ إِلَى فِيَّ، مَعْنَاهُ: وَكَلَّمْتُهُ شِفَاهًا، عَلَى جِهَةِ التَّأْكِيدِ، وَرَفْعِ احْتِمَالِ الْمَجَازِ، لِاحْتِمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute