للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ سُنَّتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، أَوْ نُقِلَتْ إِلَيْهِ، لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُعْجِزَ دَلَّ عَلَى صِدْقِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكُلُّ مَنْ دَلَّ الْمُعْجِزُ عَلَى صِدْقِهِ ; فَهُوَ صَادِقٌ ; فَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَادِقٌ، وَكُلُّ صَادِقٍ فَقَوْلُهُ حُجَّةٌ عَلَى مَا فَصَّلْنَاهُ ; فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حُجَّةٌ عَلَى مَا فَصَّلْنَاهُ، وَالْمُقَدِّمَاتُ ظَاهِرَةٌ.

أَمَّا ظُهُورُ الْمُعْجِزِ عَلَى صِدْقِهِ ; فَبِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ تَوَاتَرَ وَدُوِّنَتْ فِيهِ الْكُتُبُ.

وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الصِّدْقِ ; فَلِمَا تَقَرَّرَ فِي النُّبُوَّاتِ، مِنْ أَنَّ ظُهُورَ الْمُعْجِزِ عَلَى وَفْقِ دَعْوَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ: صَدَقْتَ فِيمَا أَخْبَرْتَ بِهِ عَنِّي.

وَأَمَّا أَنَّ قَوْلَ الصَّادِقِ حُجَّةٌ ; فَلِأَنَّ قَوْلَهُ حَقٌّ، وَكُلُّ حَقٍّ فَهُوَ حُجَّةٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، إِذْ لَيْسَ بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الْبَاطِلُ، وَالْمَصِيرُ إِلَى الْبَاطِلِ حَرَامٌ ; فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَى الْحَقِّ، إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يُونُسَ: ٣٢] .

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِتَصْدِيقِهِ، وَكُلُّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَصْدِيقِهِ، كَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً.

أَمَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِتَصْدِيقِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ; فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النِّسَاءِ: ١٣٦] ، أَيْ: صَدِّقُوا ; لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّصْدِيقِ بِالرَّسُولِ إِلَّا اعْتِقَادُ صِدْقِهِ، وَقَبُولُ مَا جَاءَ بِهِ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آلِ عِمْرَانَ: ٣١] ، وَالْمُتَابَعَةُ فَرْعٌ عَلَى التَّصْدِيقِ، وَمَلْزُومٌ لَهُ، وَالْأَمْرُ بِالْفَرْعِ وَالْمَلْزُومِ أَمْرٌ بِالْأَصْلِ وَاللَّازِمِ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>