للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَنَّهُ مُحْدَثٌ ; بِخِلَافِ الْمَحْسُوسَاتِ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَخْتَصُّ بِهَا دُونَ بَعْضٍ ; فَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنْهَا مُفِيدًا لِلسَّامِعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَمَا قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ إِلَى مُشَاهَدَتِهِ سَبِيلٌ لِبُعْدِ الْمَكَانِ، كَمَنَ بِالصِّينِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَكَّةَ وَمِصْرَ، أَوْ لِانْقِضَاءِ الزَّمَانِ، كَأَهْلِ عَصْرِنَا مَثَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَصْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنَ الْأَعْصَارِ وَالْأُمَمِ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ فِي كَمَالِ الْعَدَدِ، أَيْ: يَكُونُ عَدَدُ التَّوَاتُرِ الْمُعْتَبَرِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ مَوْجُودًا فِي طَرَفَيِ الْخَبَرِ وَوَاسِطَتِهِ.

فَالطَّرَفَانِ: أَحَدُهُمَا: الطَّبَقَةُ الْمُشَاهِدَةُ لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ، كَالصَّحَابَةِ الْمُشَاهِدِينَ لِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَالثَّانِي: الطَّبَقَةُ الْمُخْبِرَةُ لَنَا بِوُجُودِهِ، وَالْوَاسِطَةُ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنْ طَبَقَاتِ الْمُخْبِرِينَ. فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ مُسْتَكْمِلَةً لِعَدَدِ التَّوَاتُرِ ; فَلَوْ نَقَصَ بَعْضُهَا عَنْ عَدَدِ التَّوَاتُرِ، خَرَجَ الْخَبَرُ عَنْ كَوْنِهِ مُتَوَاتِرًا ; لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ آحَادًا فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ; فَلَا يَنْقَلِبُ مُتَوَاتِرًا بَعْدُ. وَبِمِثْلِ هَذَا وَقَعَ الطَّعْنُ فِي تَوْرَاةِ الْيَهُودِ، وَإِنْجِيلِ النَّصَارَى، وَمَا نَقَلُوهُ عَنْ أَسْلَافِهِمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَلُّوا - بِقَتْلِ بُخْتَنَصَّرَ لِأَكْثَرِهِمْ - عَنْ عَدَدِ التَّوَاتُرِ، فَلَمْ يُفِدْ مَا نَقَلُوهُ الْعِلْمَ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى، كَانُوا عَلَى عَهْدِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَعْدَهُ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، قَلِيلًا، لَا يَحْصُلُ بِهِمُ التَّوَاتُرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْهُمْ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْعَدَدُ مِنْ شُرُوطِ التَّوَاتُرِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَ الْعَدَدِ مِنَ الْقَرَائِنِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>