للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْإِجْمَالُ، هُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ جُمْلَةً، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْمُجْمَلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَاللَّقَبُ: هُوَ اللَّفْظُ الْمُطْلَقُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْعَلَمِ.

غَيْرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا: أَنَّ اللَّقَبَ عَلَمٌ يَكْرَهُ مَنْ وُضِعَ عَلَيْهِ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ لِقُبْحٍ فِيهِ، كَقَوْلِهِمْ: أَنْفُ النَّاقَةِ، وَعَائِدُ الْكَلْبِ، وَنَحْوُهُمَا مِنَ الْأَلْقَابِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ التَّخَاطُبُ بِهِ تَنَابُزًا وَنَبْزًا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اللَّقَبُ وَاحِدُ الْأَلْقَابِ، وَهِيَ الْأَنْبَازُ، وَقَالَ فِي نَبَزَ: النَّبْزُ: اللَّقَبُ.

قُلْتُ: وَلَفْظُ النَّبْزِ مُشْعِرٌ بِكَرَاهَةٍ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّازِقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الْحُجُرَاتِ: ١١] قَالَ: لَا تَقُلْ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ: يَا فَاسِقٌ، يَا مُنَافِقٌ. وَرَوَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ يُسَلِّمُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْتُهُ مِنْ أَنَّ اللَّقَبَ عَلَمٌ يَكْرَهُهُ الْمُخَاطَبُ بِهِ، بِخِلَافِ الْعَلَمِ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، أَيْ: قَدْ يَكُونُ مِمَّا يَكْرَهُ التَّخَاطُبَ بِهِ وَهُوَ اللَّقَبُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ الْعَلَمُ لَقَبًا كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو.

وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَهِيَ قَوْلُنَا: «مِنْ حَيْثُ هُوَ مُرَكَّبٌ» تَقَعُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ يَغْمُضُ مَعْنَاهَا عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مِمَّنْ لَمْ يُعَانِ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَا، أَيْ: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ كَذَا، لِأَنَّ حَيْثُ فِي اللُّغَةِ ظَرْفُ مَكَانٍ، وَالْمَكَانُ مُجَاوِرٌ لِلْجِهَةِ فِي الْحَقِيقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>