للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَأَمَرَ بِالتَّبَيُّنِ وَالتَّثَبُّتِ عِنْدَ ظُهُورِ فِسْقِ الْمُخْبِرِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِسْقَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا، لَا يَجِبُ التَّبَيُّنُ وَالتَّثَبُّتُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا: شَرْطُ الْقَبُولِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْفِسْقِ.

قَوْلُهُ: «احْتَجَّ الْأَوَّلُ» ، وَهُوَ الْقَائِلُ: لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ الْمَجْهُولِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ مُسْتَنَدَ قَبُولِ خَبَرِ الْعَدْلِ، أَيِ: الْمَعْلُومِ الْعَدَالَةِ، الْإِجْمَاعُ، وَالْمَجْهُولُ لَا إِجْمَاعَ فِي قَبُولِ خَبَرِهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْعَدْلِ لِيُلْحَقَ بِهِ قِيَاسًا فَقَدِ انْتَفَى فِيهِ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَهَذِهِ هِيَ الْأَدِلَّةُ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْأَحْكَامُ، فَإِذَا انْتَفَتْ، لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَثْبُتُ بِهِ هَذَا الْحُكْمُ، وَهُوَ قَبُولُ خَبَرِ الْمَجْهُولِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْفِيًّا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْفِسْقَ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الْخَبَرِ، كَمَا أَنَّ الصِّبَا وَالْكُفْرَ مَانِعَانِ مِنْ قَبُولِ الْخَبَرِ، ثُمَّ إِنَّ الشَّكَّ فِي الصِّبَا وَالْكُفْرِ مَانِعٌ مِنَ الْقَبُولِ، فَإِنَّا إِذَا شَكَكْنَا: هَلْ هَذَا الرَّاوِي صَبِيٌّ أَوْ بَالِغٌ؟ أَوْ هَلْ هُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ؟ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ لِلشَّكِّ فِي شَرْطِ قَبُولِهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ. فَكَذَلِكَ الشَّكُّ فِي الْفِسْقِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنَ الْقَبُولِ، وَهَذَا الْمَجْهُولُ مَشْكُوكٌ فِي عَدَالَتِهِ وَفِسْقِهِ؛ فَيَجِبُ أَنْ يُرَدَّ خَبَرُهُ، لِلتَّرَدُّدِ فِي شَرْطِ قَبُولِهِ، وَهُوَ الْعَدَالَةُ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ شَهَادَةَ الْمَجْهُولِ لَا تُقْبَلُ فِي الْعُقُوبَاتِ؛ فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>