. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الصُّحْبَةِ، وَهُوَ مُطْلَقُهَا، نَفْيًا لِلْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ عَنِ اللَّفْظِ.
قَوْلُهُ: «وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ عَنْهُ، أَوْ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ» ، أَيْ: وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ صَحَابِيًّا بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ عَنْهُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ التَّعْدِيلِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيهِ مَقْبُولٌ، خُصُوصًا إِذَا كَانَ صَحَابِيًّا، عَدْلًا بِتَعْدِيلِ الشَّرْعِ، أَوْ بِإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ، بِأَنْ يَقُولَ: أَنَا صَحَابِيٌّ.
قُلْتُ: «وَفِيهِ نَظَرٌ» أَيْ: فِي ثُبُوتِ صُحْبَتِهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِتَحْصِيلِ مَنْصِبِ الصَّحَابَةِ لِنَفْسِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَفْرِيعُ قَبُولِ قَوْلِهِ عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، بِأَنْ يُقَالَ: هَذَا صَحَابِيٌّ عَدْلٌ؛ فَيُقْبَلُ خَبَرُهُ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ؛ لِأَنَّ عَدَالَةَ الصَّحَابَةِ فَرْعُ الصُّحْبَةِ؛ فَلَوْ أُثْبِتَتِ الصُّحْبَةُ بِعَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، لَزِمَ الدَّوْرُ.
أَمَّا أَنَّ عَدَالَةَ الصَّحَابَةِ فَرْعُ الصُّحْبَةِ؛ فَلِأَنَّا لَا نَحْكُمُ بِهَذِهِ الْعَدَالَةِ إِلَّا لِمَنْ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ دُونَ غَيْرِهِ؛ فَنَقُولُ: هَذَا صَحَابِيٌّ؛ فَيَكُونُ عَدْلًا بِالْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ.
وَأَمَّا أَنَّهُ لَوْ أُثْبِتَتِ الصُّحْبَةُ بِعَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، لَزِمَ الدَّوْرُ؛ فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ إِثْبَاتُ الْأَصْلِ - وَهُوَ الصُّحْبَةُ - بِالْفَرْعِ - وَهُوَ الْعَدَالَةُ - وَإِثْبَاتُ الْأَصْلِ بِالْفَرْعِ دَوْرٌ مُحَالٌ، وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ زَعَمَ أَنَّ إِثْبَاتَ صُحْبَةِ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ: أَنَا صَحَابِيٌّ، لَا يُلْحِقُ غَيْرَهُ مَضَرَّةً، وَلَا يُوجِبُ تُهْمَةً، وَهُمَا مَمْنُوعَانِ. بَلْ يُوجِبُ تُهْمَةً، وَهُوَ تَحْصِيلُ مَنْصِبِ الصُّحْبَةِ لِنَفْسِهِ، وَيَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، حَيْثُ يَلْزَمُهُمْ قَبُولُ مَا يَرْوِيهِ مَعَ هَذِهِ التُّهْمَةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute